ما الحكم الشرعي للتبني في الاسلام

ما الحكم الشرعي للتبني في الاسلام

ما الحكم الشرعي للتبني في الاسلام هو سؤال من الأسئلة المتداولة بين المسلمين، وهو أحد الأحكام الشرعية التي بيَّنتها الشريعة الإسلامية ووضَّحتها، والتبني هو من الأمور التي اتَّخذ دين الإسلام موقفًا ثابتًا وواضحةً منها كونها تؤثر على العلاقات الأسرية في المجتمع الإسلامي، وفي هذا المقال سنشرح ما هو التبني وما الحكم الشرعي للتبني، وتفسير هذا الحكم، كما سنذكر أيضًا بديل التبني في الإسلام، وحكم تبني اللقيط، والفرق بين التبني وكفالة اليتيم.

ما هو التبني

التبني هو أن يجعل الرجل لنفسه ابنًا من غير صلبه، أي أن ينسب طفلًا معروف النسب أو مجهول النسب والوالدين أو ما شابه ذلك إلى نفسه فيجعله ابنه ويُعرِّفه بين الناس على أنَّه ابنه، ويعطيه حقوق الابن والنسب ويورثه ماله، والتبني هو أحد العادات التي الخاطئة التي انتشرت في الجاهلية واستمرت لفترة طويلة بعد الإسلام، حتى أنَّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد تبنى زيد بن حارثة في بداية الإسلام.[1]

ما الحكم الشرعي للتبني في الاسلام

إنَّ الحكم الشرعي للتبني في الإسلام هو مُحرَّم، وهو من الأمور التي لا تجوز في الشريعة الإسلامية، وقد ورد تحريم التبني في قوله تعالى: “ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ”[2]، كما ورد تحريم التبني في قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قوله:”ليسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أبِيهِ وهو يَعْلَمُهُ إلَّا كَفَرَ، ومَنِ ادَّعَى ما ليْسَ له فليسَ مِنَّا، ولْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ”[3]، فلا يجوز على الرجل أن ينسب من هو ليس من صلبه إلى نفسه فيُعطيه نسبه وكنيته، أو يورثه ماله كما يورث ابنه الذي من صلبه، فقد تبنى الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- زيد فلما حرَّم الله تعالى التبني نُسب إلى نسبه الأصلي وأباه وأصبح يُكنى زيد بن حارثة، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: حكم نسبة اللقيط إلى من التقطه، وإدخاله في عائلته

لماذا حرم التبني في الإسلام

حرَّم دين الإسلام التبني وجعله من الأمور غير المشروعة لأنَّه يعطي الطفل المُتبنى ما ليس له من حق مثل النسب والمال والميراث وغير ذلك، وإنَّ التبني قد يوقع الإنسان في الخطأ والمحظور فيجعل ما هو حلالًا حرامًا وكذلك العكس، فقد ينتج عن التبني خلوة غير شرعية بين الطفل المتبنى وأهل البيت مثل الأم والبنات، وكذلك المصافحة ورؤية ما هو غير مُباح، وكل ذلك مُحرَّم على الطفل المُتبنى، وكذلك فإنَّ التبني يُحرّم على المُتبنى الزواج بمن أجاز له الإسلام الزواج بهنَّ، وعلى ذلك فإنَّ التبني يؤدي إلى ضياع الأنساب، وقد أمر الإسلام بالمحافظة عليها وصونها، والله أعلم.[5]

بديل التبني في الإسلام

لكي يكون التبني مُبتحًا في الإسلام لا بدَّ له من أن يحقق عددًا من الشروط الأساسية والتي تجعل التبني مبنيًا على الرعاية والإحسان لا على الإدخال إلى العائلة وإعطاءه النسب، وهي:[6]

  • ألّا ينسب الطفل إلى نسبه وكنيته.
  • ألَّا يُخلل تبني الطفل بالشروط والشرائع الإسلامية الأساسية، فيتجاوز ما هو محظور في الإسلام.
  • أن يكون تبني الطفل مبني على الإحسان والبر والخير وعدم الإساءة.
  • أن يُربى الطفل المُتبنى على الدين الصحيح والشريعة السليمة فيُعلَّم ما ينفعه في دينه ودنياه.
  • لا يجب أن يُسلم الطفل إلَّا لشخص ذو أمانة وأخلاق حسنة، فيُحقق للطفل الظروف الجيدة التي تُعينه على تحقيق مصلحته.
  • يجب أن يكون المُتبني من أهل البلاد التي يُنسب إليها المُتبنى فلا يجوز أن يُنقل المُتبنى إلى بلاد أخرى تُفسد الطفل ومُستقبله.

شاهد أيضًا: حكم التقاط اللقيط في الاسلام

حكم تبني اللقيط

اللقيط هو الطفل الذي يجده الناس في الشارع أو في أي مكان آخر ضالًا فلا يُعرف نسبه أو أحد والديه، وإنَّ حكم تبني اللقيط مُشابه لأحكام التبني في الإسلام، فلا يجوز تبني اللقيط ونسبه إلى العائلة وضمّه إليها وإعطائه حقوق ماثلة لحقوق الابن الحقيقي، لكن يجوز للمسلم أن يكفل اللقيط ويتبناه من حيث الرعاية والإحسان والنفقة على أن يُحقق الشروط الإسلامية الشرعية في الرعاية والتبني، والله أعلم.

الفرق بين التبني وكفالة اليتيم

إنَّ التبني يقوم عل أن ينسب الرجل شخصًا ليس من صلبه إلى نسبه وعائلته وبيته ويعطيه من الحقوق ما يُعادل حقوق الطفل الذي من صلبه، وهو مُخالف لشريعة الإسلامية ومُحرَّم، أمَّ كفالة اليتيم فهي أن يكفل الرجل يتيمًا في بيته أو في غير بيته، ويكون ذلك مبنيًا على الإحسان والنفقة والخير، دون أن يُخالف ما أمر به الله تعالى أو يفعل ما حرَّمه، وإنَّ كفالة اليتيم من الأمور التي حثَّ عليها الإسلام، وجعلها من الأعمال العظيمة التي يُؤجر فاعلها ويُرفع من شأنه يوم القيامة، وقد بيَّن الرسول -صلّى الله عليه وسلَّم- مكانة كافل اليتيم في حديثه الشريف حين قال: “وَأنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا”[7]، والله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: الفرق بين الضمان والكفالة وتعريفها في فقه المذاهب الأربعة

وبهذا نكون قد وصلنا غلى ختام المقال الذي بيَّن ما الحكم الشرعي للتبني في الاسلام، كما عرَّف التبني وبين السبب الكامل وراء تحريمة، وذكر البديل الشرعي عن التبني في الإسلام، بالإضافة لذكر الفرق بين كفالة اليتيم والتبني، وحكم تبني اللقيط.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , التبني محرم في الإسلام , 3-6-2021
  2. ^ سورة الأحزاب , الآية 5.
  3. ^ صحيح مسلم , أبو ذر الغفاري، مسلم، 61، صحيح.
  4. ^ binbaz.org.sa , حكم تبني الأطفال , 3-6-2021
  5. ^ islamweb.net , الحكمة من تحريم التبني , 3-6-2021
  6. ^ islamqa.info , التبني قسمان ممنوع ومشروع , 3-6-2021
  7. ^ صحيح البخاري , سهل بن سعد الساعدي، البخاري، 5304، صحيح.
  8. ^ islamqa.info , الفرق بين كفالة الأيتام وتبنيهم , 3-6-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *