الدليل على فضل صيام يوم عرفة

الدليل على فضل صيام يوم عرفة

الدليل على فضل صيام يوم عرفة سيتم بيانه في هذا المقال، فمن المعلوم أن يوم عرفة من أحب الأعمال إلى الله تبارك وتعالى، ممّا يعني أن للعبد لمسلم الحاج ولغير الحاج أن يطلب من الله تبارك وتعالى ما يريد تحقيقه، كونه اليوم الذي يكون فيه الدعاء مستجاب، ومن الجدي بالذّكر أنه يمكنه أن يسارع بالأعمال التي تٌربه إلى الله سبحانه وتعالى كالصلاة والصيام والصدقة وصلة الرّحم وقيام الليل وكثرة الذكر؛ ولا سيّما التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، وفيما يأتي عبر موقع محتويات سيتم  بيان الأدلة التي تبين فضل هذا اليوم العظيم.

الدليل على فضل صيام يوم عرفة

اتفق الفقهاء على استحقاق وفضيلة صيام يوم عرفة ، ولم يقل أحدهم خلاف ذلك، والصوم أفضل من صيام سائر الأيام إلا نهار صيام رمضان الواجب ، وصوم استحقاقه العظيم. يستلزم ذلك يأمر بمغفرة الله تعالى لعبد ذنوب السنة التي قبله والسنة التي تليها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ).

من المستحسن أيضًا في هذا اليوم القيام بالكثير من الأعمال الصالحة ، مثل الاهتمام بإنجاز الأعمال الفوقية، والكثير من ذكر الله – العلي – والصدقة في سبيل الله سبحانه وتعالى، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ).

فضل الله عز وجل عباده يوم عرفات بعدة فضائل فلما يفرج عن أعناق عباد النار ويغفر لهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن يومٍ أَكْثرَ من أن يُعْتِقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ، عبدًا أو أمةً منَ النَّارِ، مِن يومِ عرفةَ، وأنَّهُ ليَدنو، ثمَّ يُباهي بِهِمُ الملائِكَةَ)، وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث: (ما رُئِيَ الشَّيطانُ يَومًا هو فيه أصغَرُ، ولا أدحَرُ، ولا أحقَرُ، ولا أغيَظُ منه يَومَ عَرَفةَ، وما ذاك إلَّا لِمَا يَرى مِن تَنزُّلِ الرَّحمةِ، وتَجاوُزِ اللهِ عنِ الذُّنوبِ العِظامِ).[1]

وأما بالنسبة لخصائص ومميزات يوم عرفة سيتم بيانها فيما يأتي:

  • يعتبر من أيام شهر ذي الحجة: وهو من الأشهر المقدسة، كما أن شهر ذي الحجة من أشهر الحج ، ويوم عرفات هو الشهر الأول من الأيام التي أثنى عليها الله تعالى في القرآن الكريم واصفا إياها بالأيام، فقد قال الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ).
  • من الأيام الشريفة والعظيمة عند الله تبارك وتعالى: حيث تُعدّ من الأيّام العَشر التي أقسم الله -تعالى- بها في سورة الفجر؛ قال -تعالى-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
  • ويعتبر من الأيام التي لها فضل وامتياز على بقية أيام السنة: حيث أكمل الله فيها نعمته على الأمة الإسلامية، وأكمل عليها دينه حيث قال سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
  • يباهي الله تبارك وتعالى بالحجاج: ودليل ذلك من السنة النبوية الشريفة عندما قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (نَّ اللهَ يُباهِي بِأهلِ عَرَفَاتٍ أهلَ السَّماءِ ، فيقولُ لهُمْ : انظُروا إلى عِبادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا).
  • يسمى بيوم التكبير: الذي يعد ركنًا رئيسًا من أركان الحج، حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: (الحجُّ عرفةَ).
  • هو يوم عيد بالنسبة لحجاج بيت الله الحرام: ودليل ذلك من السنة النبوية الشريفة عندما قال الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام-: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدَنا أَهلَ الإسلامِ ، وَهيَ أيَّامُ أَكلٍ وشربٍ).

اقرأ أيضًا: طريقة صيام يوم عرفة وأفضل الأعمال فيه

التعريف بيوم عرفة

يوم عرفات هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اسم المكان الذي يقف فيه الحجاج، والحدود المكانية لعرفات من الجبل الذي يطل على بطن أورنا، ويشمل الجبال المقابلة، ويمتد إلى ما يتبع أسوار بني عامر، ولا ينتهي الحج إلا بالوقوف فيها، ويبدأ الموقف بعرفات من فجر التاسع من ذي الحجة إلى فجر اليوم التالي؛ الذي يسمى يوم النحر، وتجدر الإشارة إلى أنه يوم العيد والحجاج ينهون إقامتهم بعرفات، واسم هذا اليوم مركب من الكلمتين: اليوم عرفة، أما كلمة “يوم” فتعني لحظة دقيقة، أما كلمة “عرفة” فتعني مكانا دقيقًا ومميزًا، وهذا المكان له مكانة عظيمة؛ بسبب ارتباطه بشعائر الإسلام العظيمة ؛ كان في عرفات في موسم الحج، وقد ورد ذكره في كلمة عرفات في قوله سبحانه وتعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ).[2]

اقرأ أيضًا: نية صيام يوم عرفة

حُكم صيام يوم عرفة للحاجّ وغيره

إنّ صيام يوم عرفة للحاج أمر مندوب، أي يؤجر فاعله ولا يُعاقب تاركه، وأما بالنسبة لغير الحاج فإن هذا الأمر مختلف فيه، وفيما يأتي بيان تفصيل ذلك:[3]

  • الحنفية والمالكية: أقروا على كراهة صيام الحاج يوم عرفة، وأجازه الحنفية على أن يكون قادرًا.
  • الشافعي: أقروا على جواز الصوم في عرفات للحاج، واشترط الشافعيون أن يقيم الحاج في مكة، ويذهب إلى عرفات ليلاً، أما إذا نزل إلى عرفات من مكة أثناء اليوم ، فالصيام مخالف الأول، وحكم الشافعي أن يفطر المسافر من باب أولى.
  • الحنابلة: عندهم يستحب أن يصوم الحاج يوم عرفات إلا أنهم اشترطوا وقوفه بعرفات ليلاً لا نهاراً إذا توقف أثناء النهار، فإن صومه مكروه كما قال الحنفية والمالكية.

وتجدر الإشارة إلى أن سبب وجوب الإفطار يوم عرفات على الواقفين بعرفات أن الحاج بطبيعته قوي في الطاعة والدعاء، والصوم يرهق الحاج ويضعفه بالدعاء والصلاة والذكر يوم عرفات يوم ذكرى ودعاء ، وقد أفطر الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفات، والدليل ذلك من السنة النبوية الشريفة، إذ قالت لبابة بنت الحارث: (أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقِفٌ علَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ).

اقرأ أيضًا: دعاء يوم عرفة لقضاء الحاجة

حال السلف في يوم عرفة

أراد السلف الاستفادة من هذا اليوم المبارك، حيث اعتادوا على زيادة قربهم من الله تبارك وتعالى من خلال القيام بالأعمال الصالحة والصدقة، وما إلى ذلك، وتوزيع الأغنياء بينهم ذبائح تصل إلى تسعين ألف رأس، ويذكر أن حكيم بن حزام حرر مائة عبد يوم عرفات، ووزع مائة من الإبل  ومائة شاة، وقيل: ألف شاة و مئة بقرة، وكثير منهم خجلوا من الله تبارك وتعالى في هذه الحالة ويأملون ألا يرفض الناس بسببهم، ومنهم من كان رجاءه بالله أكبر ، فيتمنى المغفرة والاستغفار ، ويذرف الدموع عليه.[4]

اقرأ أيضًا: شرح حديث ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة

أفضل الدعاء يوم عرفة

هنالك العديد من الأدعية التي يمكن للعبد المسلم الحاج ولغير الحاج أن يستعين بها في يوم عرفة، وفيما يأتي بيان البعض منها:

  • اللّهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد عدد خلقك ورضى نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، اللّهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد على الرضى.
  • اللهم لا تحرمني سعة رحمتك، وسبوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عني مواهبك لسوء ما عندي، ولا تجازني بقبيح عملي، ولا تصرف وجهك الكريم عني برحمتك يا أرحم الراحمين.
  • اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت، ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت، اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك، اللهم لا تمنع بذنوبنا فضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.
  • اللّهم يا حيّ يا قيّوم، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك باسمك الأعظم الطيب المبارك، الأحبّ إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت، أن تجعلنا في هذه الدنيا من المقبولين وإلى أعلى درجاتك سابقين، واغفر لي ذنوبي وخطاياي وجميع المسلمين اللهم اغفر لي، وعافني، واعفُ عني، واهدني إلى صراطك المستقيم.
  • اللهم ارحمني يا أرحم الراحمين، برحمتك أستعين، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، ولله الحمد، وأستغفر الله، عدد خلقك، ورضى نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، اللّهم اغفر للمسلمين جميعاً الأحياء منهم والأموات، وأدخلهم جناتك، وأجرهم من عذابك، ولك الحمد، وصلى اللهم على أشرف الخلق سيّد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أهله وصحبه أجمعين.

اقرأ أيضًا: دعاء عرفة لقضاء الحاجة

حكم صيام يوم أو أكثر قبل يوم عرفة

إن صيام الأيام الثمانية التي تسبق يوم عرفة أي اليوم التاسع من ذي الحجة مستحب بإجماع كافة الفقهاء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر).

مقالات مقترحة

نرشح لكم بعض المقالات الآتية

بينا في هذا المقال الدليل على فضل صيام يوم عرفة بالإضافة إلى العديد من الأمور المتعلقة بهذا اليوم العظيم، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يومٍ أَكْثرَ من أن يُعْتِقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ، عبدًا أو أمةً منَ النَّارِ، مِن يومِ عرفةَ، وأنَّهُ ليَدنو، ثمَّ يُباهي بِهِمُ الملائِكَةَ).

المراجع

  1. ^ محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصيام (الطبعة الثانية)، صفحة 168. بتصرّف , 16/05/2023
  2. ^ محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصيام (الطبعة الثانية)، صفحة 168. بتصرّف , 16/05/2023
  3. ^ ابن الجوزي (1995م)، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن (الطبعة الأولى)، -: دار الراية، صفحة 246،248، جزء 1. بتصرّف , 16/05/2023
  4. ^ ابن الجوزي (1995م)، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن (الطبعة الأولى)، -: دار الراية، صفحة 246،248، جزء 1. بتصرّف , 16/05/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *