حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة
حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة هو من الأحكام التي لا بُدّ من معرفة الحكم الشّرعي لها، وخاصة مع إقتراب نفحات ذِكرى المولد النّبوي، الذي يحمل في ثناياه عَبق التّاريخ الإسلامي، بِدءًا من ساعة ولادته التي أشرقت الدّنيا بقدومه، وحتى بعثته التي أنارت ظلمات الجهل، وعبر موقع محتويات سيتم التعرف على حكم الاحتفال بالمولد النبوي.

فضل النبي على أمته

أنزل الله-تعالى- الرسول -عليه السّلام- ليكون خاتم الرّسل، والمبعوث رحمةً للعالمين، والذي رُفِع شأنه في السّموات والأرضين، وجعل الصّلاة عليه من أفضل الصِّيَغ الخاصة فيه، وطلب من المؤمنين أن يُصلوا عليه إلى يوم الدّين، فهو أوّل من يُبعث، وأوّل من يدخل الجنّة، وأوّل من يشفع، وصاحب الحوض، والمقرون اسمه-صلى الله عليه وسلم-باسم الله-تعالى- منزلته العالية، في الأذان، والذكر،[1] وقد جاء فضله في الحديث النّبوي الشّريف الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” فضِّلتُ على الأنبياءِ بسِتٍّ: أعطيتُ جوامِعَ الكَلِم، ونُصِرتُ بالرُّعبِ، وأحِلَّت لي الغنائمُ. وجُعِلَت لي الأرضُ طَهورًا ومسجِدًا، وأُرسِلتُ إلى الخَلقِ كافَّةً، وخُتِمَ بي النبيُّونَ”[2].
ومن فضائله-عليه الصّلاة السّلام- على أمته، أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فلا يُقدّم أمرٌ على دعوا النّبي-صلى الله عليه وسلم- حتى ولو أنفسهم، وطاعته واجبة عليهم، وهي فوق طاعتهم لأنفسهم، لقوله تعالى: “النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم”[3]ومن فضائله أيضًا أنّه صاحب المقام المحمود، حيث روى عبد الله بن عمر حديثًا عن رسول الله قال: إنَّ النَّاسَ يَصيرونَ يومَ القيامة جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتبَعُ نَبيَّهَا، يَقولونَ: يا فلانُ اشفَعْ يا فلانُ اشفَعْ، حتَّى تَنتَهيَ الشَّفَاعَةُ إلى محمَّدٍ، فذلكَ يومَ يَبعثُه اللهُ المَقَامَ المحمودَ”[4][5]

تاريخ المولد النبوي 2024

إنّ تاريخ المولد النّبوي هو من التّواريخ التي لا بُدّ لكلّ مُسلمٍ أن يعرفه، ويحفظه في قلبه، ويعلّمه لأطفاله، وقد ضبط المؤرّخون وعلماء السّيرة تاريخ مولد النّبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالنّقل عن الرّواة وبالحساب الفلكي، فقد أجمعوا على أنّه وُلِدَ يوم الثّاني عشر من شهر ربيع الأول، وذكر بعضهم التّاسع إلى الثّاني عشر، وسبب الاختلاف أنّ العرب لم يكونوا يؤرخون التّاريخ في ذلك الوقت، إلّا بالأحداث الكبيرة، وأمّا الإجماع من المُؤخرين، فقد أثبتوا أنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وُلِدَ يوم الإثنين في ربيع الأول عام حادثة الفيل[6] وفي هذا اليوم المُميّز، والذّكرى الفريدة، يُحيي العالم العربي والإسلامي هذا اليوم؛ لتذكير الأمّة بفضل ومكانة النّبي-صلى الله عليه وسلم- وتختلف مظاهر الإحتفال من دولة إلى آحرى بحسب كلّ دولة وعاداتها، وسيذكر المقال حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة

يتسائل الكثير من النّاس عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة ، وقبل الإجابة عن الحكم لا بُدّ من الحديث عن أصل الاحتفالات ومتى بدأت، فلم يكن أحدٌ من الخلفاء الرّاشدين، ولا الصّحابة ولا التّابعين، ولا من جاء بعدهم من أئمة الفقه من أبي حنيفة أو الشّافعي أو المالكي أو الحنبلي، وغيرهم من المُحدثين من البخاري ومُسلم يحتفلون بالمولد النّبوي، وقد جاءت بداية الاحتفال به في أواخر القرن الرّابع الهجري، عندما أحدثه الرّافضة العُبيّديون مع ما أحدثوه من يوم عاشوراء من لطم الخدود وضرب الصّدور حُزْنًا على مقتل الحسين بن علي-رضي الله عنه- وفي عهدهم أحدثوا الكثير من الاحتفالات وابتدعوا فيها كمولد علي-رضي الله عن-ومولد فاطمة الزّهراء، وغيرها من الاحتفالات المُبتدعة التي وصل عددها ما يُقارب السّبع والعشرين احتفالًا، كُلّها انقرضت بسقوط الدولة العبيديّة على يد صلاح الدّين الأيوبي رحمه الله.[7]

ثمّ أحيا الصّوفيّة الاحتفال بالمولد النّبوي، وانتشرت هذه العادة حتى أنّ العلماء والوعّاظ استحسنوها، لما فيها من ذِكرٍ حسنٍ لصفات النّبي-عليه السّلام- والحديث عن سِيَره، وقد كانوا يَعدّون أنفسهم لهذا اليوم بكلّ وسائل الإحتفال ومظاهره، ومنها:

  • تقديم خُطب ومواعظ وقصائد لإحياء هذه المُناسبة في اجتماعاتٍ عامّة أو عائليّة.
  • إعداد أنواع من الطّعام المُخصص لهذا اليوم أو نوعٍ من الحلوى يُقدّم لمن حضر من الضّيوف.
  • يتمّ إعداد أماكن مُحدّدة لهذه المُناسبة كالمساجد والقاعات، وكذلك البيوت.
  • إقامة الموالد التي تحتوي على الطّبل والرّقص، والتّمايل ومُخالطة النّساء بالرّجال، وغيرها ممّا يُنكرها الشّرع ولا يرضى بها.

وبناءً على ما سبق فإنّ حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة هو من البِدع المُستحدثة التي لم ترِد في الشّرع ولم ترِد في سنّة الرسول-صلى الله عليه وسلم- ولا سُنّة الخلفاء من بعده، وهي عادةٌ تُشابه عادات النّصارى الذين يحتفلون بيوم مولد المسيح عيسى-عليه السّلام- عندهم، فهذا التّشبّه مُحرّم في الإسلام، وقد يحتوي الاحتفال بالمولد من مظاهر الغلوّ في الدّين والمُبالغة في التّعظيم الذي قد يصل إلى الشّرك.[8]

وفي الختام فإنّ حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة هو من الأمور المُستحدثة التي لا يجوز الاحتفال به بشتّى الطّرق والوسائل.