ماهي كبائر الذنوب

ماهي كبائر الذنوب

ماهي كبائر الذنوب سؤال سيتم الإجابة عنه بالتفصيل في هذا المقال، كما سيتمُّ بيان كبائر الذنوب بالترتيب وكيفية التوبة منها، فقد خلق الله تعالى الإنسان ولم يجعله معصومًا عن الخطأ، فإنَّ كلّ بني آدم خطَّاء، لكن تختلف درجة هذه الأخطاء وتتفاوت من حيث درجتها من الذنوب الصغيرة والأخطاء البسيطة والتي تُسمَّى صغائر الذنوب، إلى الذنوب والمعاصي الكبيرة والعظيمة  والتي تُسمى كبائر الذنوب والموبقات، والتي لها جزاء كبير عند الله تعالى يوم القيامة وعذاب عظيم.

ماهي كبائر الذنوب

كبائر الذنوب هي كلّ ذنب أو معصية كبيرة وعظيمة حيث تختلف درجة هذه الكبائر وتتدرج، والكبائر هي جمع كبيرة، ويُقصد بالكبيرة ما كَبُر من الذنوب وعظُم، إنَّ أكبر وأعظم هذه الكبائر هو الشرك بالله تعالى، ومنها عقوق الوالدين والحلف باليمين كذبًا ويُسمى اليمين الغموس، وقتل النفس التي حرَّمها الله تعالى والزنا، وإنَّ درجة الكبيرة تختلف وتتفاوت من حيث العقوبة وشدِّة المعصية، وقد ورد في عمدة القاري: “قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما الكبائر سبع؟ فقال هي إلى سبعمائة، قلت الكبيرة أمر نسبي فكل ذنب فوقه ذنب فهو بالنسبة إليه صغيرة وبالنسبة إلى ما تحته كبيرة“، والله أعلم.[1]

كبائر الذنوب بالترتيب

إنَّ كبائر الذنوب كثيرة وهي لا تُعدُّ أو تُرتَّب بشكل متتالي، إلَّا أنَّ أعظم هذه الذنوب هي سبع وقد سُمِّيت السبع الموبقات، وهي مذكورة بالترتيب في الحديث النبوي الشريف في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ”[2]، وهي جميعها معاصي تُهلك فاعلها [3]، كما ورد عن الشيخ ابن باز في ترتيب كبائر الذنوب أنَّها كالتالي:[4]

  • الشرك بالله تعالى.
  • قتل النفس التي حرَّمها الله عزَّ وجل.
  • الزنا، وحدد ذلك بكون الزنا مع زوجة الجار.
  • عقوق الوالدين.
  • شهادة الزور.
  • حلف الأيمان الفاجرة والكاذبة والتي تُسمَّى الغموسة.
  • ثم بعد ذلك تتساوى في الدرجة باقي الكبائر مثل الربا وقذف المحصنات والتولي يوم الزحف والسحر وشرب الخمر وما هو مُسكر.

شاهد أيضًا: مرتكب الكبائر كافر مخلد في النار أصحاب هذا القول هم

الشرك بالله

الشرك بالله تعالى هو إشراك شيء من المخلوقات بالعبادة مع الله تعالى ويُمكن أن يكون ذلك بشكل مُباشر أو غير مُباشر وينقسم إلى قسمين هما الشرك الأكبر والشرك الأصغر، وإنَّ الشرك هو أعظم وأشد وأكبر المعاصي والذنوب حيث أنَّ عقوبة الشرك هي الخلود في النار، فمن مات مُشركًا فإنَّ مأواه جهنم، وقد ورد ذلك في قوله تعالى : “إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ”[5].

السحر

إنَّ السحر هو عملية يقوم من خلاله لساحر بتضليل الناس وذلك عن طريق الاستعانة بالجن، وله نوعان أو أسلوبان يتَّبعهما الساحر وهما:

  • فعل أشياء تضر الإنسان وتُؤذيه من خلال التعاطي والتعاون مع الجن والإخلاص لهم من دون الله عزَّ وجل.
  • جعل الإنسان يتخيل ويتَهيَّأ ما هو ليس موجود في الحقيقة، أي يرى الشيء الذي أمامه على غير هيأته التي خلقه الله تعالى عليها.

ويُعدُّ السحر نوع من أنواع الشرك بالله تعالى، حيث أنَّ فيه شيء من الإخلاص بالعبادة للجن والاستعانة بهم على قضاء أمور تُضلِّ الإنسان وتضرّه.

قتل النفس

إنَّ قتل النفس التي حرَّمها الله تعالى بغير حق هو أحد الكبائر العظيمة التي توعَّد الله تعالى صاحبها بالخلود بالنار، وذلك في قوله في كتابه الكريم: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”[6]، ومن الجدير بالذكر أنَّ قاتل النفس لا يُعدُّ مُشركًا بالله تعالى إلَّا أنَّ ذلك لا يُبعده عن العذاب العظيم الذي أعدّضه الله تعالى له، كما غنَّ الخلود في النار الذي توعَّد الله تعالى به قاتل النفس هو خلود مُؤقت أي له نهاية، والله أعلم.

أكل الربا

الربا هو أخذ المال أو ما يُعادله بغير حق، وهو أحد الكبائر التي أمر الله تعالى المُسلمين بتركها، وذلك في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ”[7]، وإنَّ للربا نوعين أساسين هما:

  • ربا الفضل: وهو أن يستبدل المرء نفس الشيء أو يبيعه بشيء من نفس جنسه ولكن بأكثر بالقدر، ومثال ذلك أن يبيع الإنسان صاع الحنطة بصاعين حنطة، أو يبيع الدرهم بدرهمين.
  • ربا النسيئة: ويكون من خلال بيع أو استبدال شيء بشيء من غير جنسه وذلك بشكل مُؤقت ولكن يُقبض بعد المجلس الذي هو فيه، ويكون ذلك بأن يستبدل المرء صاعًا من الطحين بصاعين من الشعير.

أكل مال اليتيم

إنَّ اليتيم من توفى عنه والده قبل البلوغ، وقد وصَّى الدين الإسلامي برعاية اليتيم والإحسان إليه بشتَّى الصور والأشكال، وعدم الاستهزاء به أو الاحتيال عليه من خلال أكل ماله، فإنَّ خداع اليتيم واستضعافه بسبب غياب الوالد الذي يحميه أو يضمن حقوقه هو أحد الكبائر العظيمة التي توعَّد الله تعالى صاحبها بالعذاب الشديد في الكثير من الآيات القرآنية الكريمة، ومن ذلك قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”[8].

التولي يوم الزحف

إنَّ التولي يوم الزحف هو أحد كبائر الذنوب  والموبقات التي ذكرها رسول الله تعالى في حديثه الشريف، والتولي يوم الزحف هو الهروب أو التراجع عند هجوم الكفار على المُسلمين أو زحفهم باتجاههم، وكذلك هو التولي عند هجوم المُسلمين أو زحفهم باتجاه الكفار، فإنَّ ترك المُسلمين المُجاهدين والتخلي عنهم في وسط المعركة هو أمر توعَّده الله تعالى بالعذاب الشديد، ومن الجدير بالذكر أنَّ وجود سبب أو عائق للتولي مثل تعديل العتاد أو لبس الدرع أو الانتقال من فئة إلى أخرى هو أمر لا يُعدُّ من الكبائر، والله أعلم.

قذف المحصنات

إنَّ قذف المُحصنات المؤمنات الغافلات هو الحديث عنهنَّ والقول بأنَّ فلانة من الناس زانية وفلانة قامت بفعل الزنا أو شارفت على فعله، وهو ليس له علم بذلك أو أنَّ كلامه غير مُؤكد أو كاذب، وقد أمر الله تعالى بجلد الشخص الذي يقوم برمي المحصنات، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً”[9]، وكذلك ينطبق الأمر على رمي الرجال المُحصنين، فإنَّ القول عن أحد من الناس سواء أكان رجل أو امرأة أنَّه زاني هو أحد الكبائر والتي توجب الجلد في حال لم يُحضر أربعًا من الشهود على كلامه، والله أعلم.

شاهد أيضًا: كيف نتعامل مع من وقع في الكبائر

ما هي صغائر الذنوب

بعد ذكر ماهي كبائر الذنوب سننتقل للتعريف بصغائر الذنوب، حيث أنَّ صغائر الذنوب هي كل ذنب دون الكبائر من حيث الكبر والجرم، وهي أمور حرَّمها الله تعالى ونهى عنها، لكنَّه لم يتوعَّد لصاحبها بالخلود بالنار أو العذاب العظيم الشديد، وهي ذنوب لا تحتاج إلى التوبة الصادقة، بل إنَّ كفارته تكون بالحفاظ على الصلاة والخشوع فيها والإكثار من العبادة والصوم، والابتعاد عن الكبائر، وقد ورد ذلك في حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “قولُ ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”[10]، والله أعلم.[11]

كيفية معرفة الكبائر

إنَّ الكبائر تشمل كل ذنب عظيم وكبير مثل ترك الصلاة أو الصيام أو عقوق الوالدين أو الزنا أو الربا وغيرها من الكبائر الكثيرة، وقد بيَّن أهل العلم أنَّه بإمكان الإنسان معرفة الكبيرة من خلال وجود حد لفاعل هذه المعصية في الدنيا، أو وجود وعيد بالعذاب الشديد في الآخرة، أو وجود توعّد بغضب الله تعالى أو عقابه أو سخطه أو لعنه أو تهديده لمن يفعل هذا الذنب في القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة، والله أعلم.[12]

كيف تغفر كبائر الذنوب

بعد ذكر ماهي كبائر الذنوب سننتقل لتوضيح كيفية التوبة منها أو تكفيرها، فإنَّ مغفرة الله تعالى واسعة وكبيرة وسعت كلّ شيء، وإنَّ باب التوبة إلى الله تعالى مفتوح في كل وقت وحين على أن تتوفر شروط وأساسيات التوبة عند الإنسان، وإنَّ التوبة من الكبائر تحتاج إلى عدد من الشروط وهي:

  • عقد العزم على الابتعاد عن الذنب أو المعصية والاقلاع عنه.
  • الندم الشديد على ما فات من الذنوب والمعصية.
  • النية الصادقة والعزم على عدم تكرار الفعل أو العودة إليه.
  • وإذا كان الذنب ل علاقة بالعباد فيجب إعادة كل حق إلى صاحبه.

فإذا توفرت هذه الشروط وكان قلب الإنسان حاضرًا وعاقدًا العزم على التوبة النصوح وعدم العودة إلى الكبيرة، فإنَّ ذلك سبيل لمغفرة كبائر الذنوب ومحو الأخطاء والمعاصي بإذن الله تعالى، والله أعلم.[13]

شاهد أيضًا: كيف تستدل بالايات الواردة على ان الظلم من كبائر الذنوب

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي ذكر ماهي كبائر الذنوب، كما ذكرها بالترتيب وعرَّف بكل منها، وتوضيح كيفية معرفة كبائر الذنوب وكيفية مغفرتها والتوبة منها، بالإضافة إلى التعريف بصغائر الذنوب.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , الكبائر والصغائر ومكفراتها , 18-8-2021
  2. ^ صحيح البخاري , أبو هريرة، البخاري، 6857، صحيح.
  3. ^ islamqa.info , السبع الموبقات , 18-8-2021
  4. ^ binbaz.org.sa , ما أكبر الذنوب؟ وما أصغرها؟ , 18-8-2021
  5. ^ سورة المائدة , الآية 72.
  6. ^ سورة النساء , الآية 93.
  7. ^ سورة البقرة , الآيات 278، 279.
  8. ^ سورة النساء , الآية 10.
  9. ^ سورة النور , الآية 4.
  10. ^ صحيح مسلم , عثمان بن عفان، مسلم، 228، صحيح.
  11. ^ islamweb.net , الكبائر والصغائر ومكفراتها , 18-8-2021
  12. ^ islamweb.net , الكبائر.. ضابطها.. أنواعها وعددها , 18-8-2021
  13. ^ islamweb.net , هل يتوب الله عن جميع الكبائر؟ , 18-8-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *