هل تقبل شهادة مربي الحمام

شهادة مربي الحمام

هل تقبل شهادة مربي الحمام سؤالٌ قد يجول في خاطر الكثير من عامّة النّاس، نظرًا لانتشار تربية الحمام في مختلف البيوت، ولكن قبل الخوض في الإجابة على السؤال الذي يطرحه عنوان المقال، لا بدّ من بيان معنى الشهادة ومشروعيّتها في الدّين الإسلاميّ، فالشهادة كما عرّفها أهل علم اللغة هي الخبر اليقين القاطع، وفي المصطلح الشرعيّ هي ما يُخبر به عن شيءٍ محدّدٍ وبلفظٍ خاصّ، قال تعالى في سورة البقرة: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}،[1] فالشهادة مشروعةٌ استنادًا للآية الكريمة السابقة.[2]

تربية الطيور في الإسلام

شهادة مربّي الحمام موضوعٌ يقتضي الخوض فيه بيان نظرة الشريعة الإسلاميّة لتربية الطيور، فالكثير من النّاس من يُربّي طيورًا في بيته، ويحبسهم داخل الأقفاص وغيرها، فما الحكم الشرعيّ في تربية الطيور؟ وكيف ينظر الإسلام لذلك الأمر؟ إنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ الدّين الإسلاميّ، لم يستنكر على المسلمين تربية الطيور الأليفة، سواءٌ من الحمام أو طيور الببغاء أو العصافير ونحو ذلك ممّا يستأنس به المرء، أو حتّى ينتفع به في الطعام أو البيع والتجارة، ولكنّ عدم الاستنكار ذلك يكون ضمن ضوابط وشروط الإحسان للحيوان، ويكون الإحسان لهم بتقديم الطعام والشراب الكافيان لهم، مع الحرص على عدم إيذائهم بشتّى الوسائل، وقد ورد في الأثر عن تربية الحيوانات أن امرأةً أساءت إلى قطّةٍ حبستها ولم تطعمها فكان وعدها النّار يوم القيامة، فقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ”،[3] وقياسًا على ذلك يرى أهل العلم تربية الطيور جائزة على شرط الإحسان للطيور.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز اكل التمساح والضفدع في الاسلام

هل تقبل شهادة مربي الحمام

إنّ شهادة مربّي الحمام تختلف بين القبول والرّد على اختلاف مقاصد تربيتها، فتربية الحمام من أجل اللهو واللعب بها وتطييرها يعدّ من المذمومات في الشريعة الإسلاميّة، كما أنّه يندرج في تضييع الوقت فيما لا خير فيه ولا فائدة، وقد ورد عن شهادة مربي الحمام العديد من أقوال الفقهاء وأهل العلم، ومنهم:[5]

  • قول الإمام الكاسانيّ الذي يتلخّص بأنّ المرء إذا لعب مع الحمام ولم يطيرها ويعبث بها فلا تسقط عدالته، وأما غير ذلك فلا تقبل له شهادة، لأنّ تطيير الحمام يقتضي كشف عورات النساء من الجيران، وقد يدفعه إلى نسيان الطاعة وترك الصلاة.
  • قول الإمام ابن قدامة والذي يتلخّص بما يراه المذهب الحنفيّ، فلا شهادة لمن يطيّر حمامه، وذلك لما تجتمع بمطيّر الحمام من صفاتٍ سيئةٍ كالسفه والدناءة وقلّة المروءة، وأمّا من اتّخذ من تربيّة الحمام تجارةً أو طعامًا أو استئناسًا دونما أذىً فلا تردّ شهادته.
  • قال الإمام ابن القيّم: “وعلى الحاكم أن يمنع اللاعبين بالحمام على رؤوس الناس، فإنهم يتوسلون بذلك إلى الإشراف عليهم، والتطلع على عوراتهم”.

وفي سياق البحث في سبب عدم قبو شهادة مربي الحمام، جاء في الحديث الصّحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- رأى رجُلًا يتبَعُ حمامةً، فقال: شيطانٌ يتبَعُ شيطانةً“،[6] واستنادًا على ذلك الحديث يرى أهل العلم بالإجماع أن شهادة مربي الحمام لا تقبل إذا كان يلعب فيها ويطيّرها، لما لها من الأذى للنّاس عمومًا والجيران خصوصًا، وفيما عدا ذلك لا ضير في قبول شهادة مربي الحمام، والله ورسوله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: حكم بيع القطط في المذاهب الأربعة

حكم تربية الحمام

بعد الخوض في الحديث عن شهادة مربي الحمام كان لا بدّ من ذكر الحكم الشرعيّ لتربية الحمام في المنازل، وقد أفاد أهل العلم أنّ الحكم الشرعيّ في تربية الحمام يكون على وجهين:[8]

  • الوجه الأوّل: وهو وجه الإباحة في تربية الحمام، حيث تكون تربية الحمام مباحةٌ إذا كانت بقصد الاستئناس بها، أو الاستفادة منها ومن بيضها في الأكل والتجارة، ولكن ضمن ضوابط شرعيّة، حيث لا يجب أن يتركها تأكل زرع غيره من النّاس أو تفسده، ولا يتركها تجرّ حمامًا لغيره.
  • الوجه الثاني: وهو وجه الكراهية، فلا يكون التحريم المطلق فيه ولكنّه مكروه، وهو أن يتّخذها المرء للهو واللعب والأذى، وهو النوع من النّاس التي لا تقبل لهم شهادة.

شاهد أيضًا: هل يجوز الوضوء بماء البحر والماء المالح

هل تعد تربية الحمام من خوارم المروءة

إنّ تربية الحمام عبر تاريخها كما قال بعض أهل العلم كانت تغطيةً لأعمالٍ سيئة، كاستدراج الأطفال للفاحشة والنظر إلى عورات النساء من الجيران وغير الجيران، وذلك بحجّة متابعة حمام المربّي أثناء تحليقها ولعبها في السماء، ويرى أهل العلم والمحدثين أنّ تربية الحمام بقصد اللعب بهم يعدّ من خوارم المروءة، فالمراد بالمروءة والقصد منها التقوى، وكمال التقوى وحسنها يكون في اجتناب السيئات وما يدفع إليها، واللعب بالحمام وتطييره في السماء يعدّ من خوارم المروءة، وهو سببٌ لعدم قبول شهادة مربي الحمام أمام القاضي، وكما سلف ذكره في الاستثناء من كان القصد في تربيته للحمام الاستفادة منها، يستنفع بها ولا يضرّ غيره.[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز اكل الضبع

هل تقبل شهادة مربّي الحمام مقالٌ فيه تمّ توضيح المعني اللغويّ والشرعيّ للشهادة، وبيان مشروعيّتها في الإسلام، كما تمّ بيان موقف الإسلام من تربية الطيور بشكلٍ عامٍ، وتربية الحمام بشكلٍ خاصٍّ، والإجابة على السؤال الذي يطرحه عنوان المقال، والنهاية كانت مع بيان تضمين تربية الحمام ضمن خوارم المروءة.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة , الآية 283
  2. ^ www.alukah.net , الشهادة في الشريعة الإسلامية , 11/08/2020
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري/عبدالله بن عمر/3482/صحيح
  4. ^ binbaz.org.sa , حكم تربية الطيور الأليفة وحبسها , 11/08/2020
  5. ^ islamqa.info , هل تُقبل شهادة مربي الحمَام؟ , 11/08/2020
  6. ^ صحيح ابن حبان , ابن حبان/أبو هريرة/5874/أخرجه في صحيحه
  7. ^ www.ahlalhdeeth.com , هل هناك حديث في ابطال شهادة مربي الحمام ؟؟ الرجاء المساعدة , 11/08/2020
  8. ^ www.islamweb.net , اتخاذ الحمام بين النهي والإباحة , 11/08/2020
  9. ^ ahlalhdeeth.com , هل تربية الحمام من خوارم الموءة , 11/08/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *