هل يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين

هل يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين فقد أوجب الله تعالى الزكاة على عباده تطهيرًا لقلوبهم ولنفوسهم، ومساعدة للفقراء المحتاجين الذين ليس لهم مُعيل، وفي مقالنا التالي سوف نتعرّف إلى فيما هل يجوز دفع الزكاة لشخص عليه دين، أيهما أولى الدّين أم الزكاة.

معنى الزكاة

معنى الزكاة في اللغة هي: البركة والن<ماء والزيادة والطهارة والصلاح والفلاح، وأما معنى الزكاة في الإصطلاح فمعناها: المبلغ من المال الذي فرضه الله تعالى من مال الأغنياء للفقراء، فهو يُخرج للمُستحقينن له، والذين حددهم الله تعالى في كتابه العزيز، وهم ثمانية أصناف، فالأصل في الزكاة هي الزيادة والنمو، فهي تطهير لقلوب الأغنياء من الذنوب والبخل وغيره من أمور، وتحقيق للحياة الكريمة وتطهير للفقير من الغيرة والحسد أو النظر لما في يدّ غيره، والصدقة هي معنى من معاني الزكاة، حتى ولو اختلف اللفظ.[1]

شاهد أيضًا: تفصيل أحكام الصلاة والزكاة والحج في السنة يعتبر بالنسبة للقرآن

هل يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين

هل يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين نعم يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين، فقد حدد الشرع مصارف الزكاة في كتابه العزيز فقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[1]، ومن هذه الأصناف الثمانية التي يجوز دفع الزكاة لهم هم الغارمون، والمقصود بالغارمون مَن أثقلتهم الدّيون، وعجزوا عن سدادها، فيُعطى هؤلاء على قدر ما يستطيعون فيه سداد ديونهم التي حلّ أجلها وجاء وقت سدادها، مع وجود ما يكفيهم من طعام وشراب وملبس، بشرط أن يكونوا قد استدانوا لسبب مشروع، وأما إذا كانوا قد استدانوا لأمر غير مشروع، فلا يُعطون من الزكاة، إلا في حالة أنهم تابوا من المعصية.[2]

شاهد أيضًا: من شروط وجوب الزكاة الاسلام وملك النصاب

أهميّة الزكاة

الزكاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتان وأداء الصلاة، وقد وعد الله تعالى عباده المُزكّين بالفلاح والصلاح والفوز بالجنة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}[3]، والزكاة تجب في الأموال التي لا يستخدمها المسلم للإستعمال الشخصي كالنقود المدّخرة، وعروض التجارة، والمواشي السائمة، والمحاصيل الزراعيّة إذا بلغت نصابها ويكون زكاتها  عند حصادها إذ بلغت النصاب، وأما ما يَقتنيه المسلم ويستخدمه بشكل دائم من مسكن، وملبس، وسيارات، فلا تجب فيها الزكاة.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز اعطاء الزكاة لغير المسلم

أنواع الزكاة

من أهم أنواع الزكاة الواجبة على المسلمين هي:[5]

• الزكاة الواجبة: وهي نوعان:
  • الزكاة التي ترتبط بالأبدان، وهي صدقة الفطر، لأنها تتعلّق بمال مخصوص بل تتعلّق بالشخص المسلم القادر على أدائها.
  • الزكاة التي ترتبط بالأموال، وهي الزكاة التي تتعلّق بالأموال بأنواعها، بشروط ومقادير محددة.
•  الزكاة المندوبة: وهي صدقة التطوّع يُثاب فاعلها ثوابًا عظيمًا على فعلها، لأن الله تعالى يزيد ويبارك في  ثواب الصدقة إلى يوم القيامة حتى تصبح صدقة حبة واحدة من التمر كالجبل، وهذا الثواب العظيم ينطبق على صدقة التطوّع، وصدقة الفريضة، لكن تارك الفريضة يُحرم من الثواب ويُعاقب، وأما تارك صدقة التطوّع لا يُعاقب على تركها، ولكنه يكون قد حرم نفسه من الأجر الكبير والثواب العظيم الذي أعدّه الله تعالى لعباده المتصدّقين.

شاهد أيضًا: كم يكون نصاب الزكاة بالورق النقدي والأصناف التي يجب إخراج الزكاة إليها

هل تجب على الفقير زكاة الفطر

صدقة الفطر تجب على كل مسلم، ويخرجها الرجل عن كل مَن يعولهم من الزوجة والأولاد، ولا يُشترط لهذه الزكاة بلوغ النصاب، بل يكفي أن يكون الرجل يستطيع تأمين قوت يومه حتى يدفعها فهي واجبة، ففي الحديث النبوي الشريف عن عبدالله بن عمر قال:(فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[6]، وتجب زكاة الفطر على كل مسلم ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا كان أو كبير، حرًا أو عبدًا، ويخرج الزوج زكاة الفطر ليس فقط عن عائلته من الزوجة والأطفال، ولكن عن كل من هو مسؤول عنهم من أمه أو أخته التي تسكن معه في نفس المنزل، فمتى ملك العبد قوت يومه وقوت ليلة العيد ويومها، فقد وجبت عليه الزكاة قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان وطلوع فجر يوم العيد.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز اخراج زكاة الفطر من الصدقة

عَلى من تجب الزكاة

أجمع علماء الأمة أن الزكاة التي فرضها الله تعالى على عباده تجب في مال المسلم البالغ العاقل الحرّ، إذا بلغ ماله المقدار المحدد شرعًا، وحال عليها الحَوْل، ولكن هل تجب الزكاة في مال المجنون  أو الصبي لأنهما غير مكلفين شرعًا؟ نعم تجب في أموالهما الزكاة، لأن الزكاة ترتبط بمقدار المال، فهي فرض من الله  تعالى على المال الذي بلغ النصاب، فهي مرتبط بالغنى، وهي حق للمحتاجين، ففي الحديث النبوي الشريف عن عبدالله بن العباس قال: {أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لمُعاذِ بنِ جَبلٍ حين بعثَه إلى اليَمَنِ: أعْلِمْهم أنَّ اللهَ افتَرَض عليهم صدقةً في أموالِهم، تُؤخَذُ مِن أغنيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم}[8]، فإذا بلغ مال الصبي أو المجنون النصاب، وجب على وليّه المتولي لشؤونه أن يُخرج الزكاة من هذا المال.[9]

شاهد أيضًا: الفرق بين الصدقة والزكاة

شروط الزكاة

هناك خمسة شروط تشترط في المال حتى يتم الزكاة فيه، والشروط هي:[10]

المُلك التام

والمقصود بالمُلك التام هو المُلك الحقيقي المرتبط بالإنسان، بأن يكون المسلم حائزًا على المال حيازة تامة كاملة، وقادرًا على التصرّف فيه تصرفًا كاملاً دون قيود أو شروط، ودون شراكة من أي أحد، ويدخل في هذا المال، الفوائد التي يجنيها المسلم عن هذا المال المنفرد، لذا فالأموال العامة مثل أموال الحكومة، وأموال الوقف الخاصة بمصالح المسلمين لا تجب عليها زكاة، كما أن المال الحرام لا تجب فيه زكاة، لأن الشخص امتلكه من طرق غير مشروعة، وعليه أن يعيده إلى أهله الأصليين.

النّماء

فيُشترط في المال كي تجب فيه الزكاة أن يكون قابلاً للنمو والزيادة، فإذا كان المال ينمو ويزداد فصاحبه ملزم بدفع زكاته، لأن العبرة ليست الزيادة الفعليّة للمال، وإنما إمكانية نمائه وزيادته، لذا فالمال الذي لا ينمو لا زكاة فيه، والمال الذي لا يُرجى تحصيله، أو المال المخبئ الذي نسي صاحبه مكانه لا زكاة فيه حتى يتمكّن منه صاحبه.

بلوغ النّصاب

فليس أي قدر من المال تجب فيه الزكاة، بل تجب الزكاة في المال المحدد شرعًا إذا بلغ المقدار، أما إذا لم يبلغ المال النصاب المحدد، فلا تجب فيه الزكاة، فالنّصاب هو المقدار الذي يفرّق به بين الغني والفقير.

الزيادة عن الحاجات الأساسيّة

والمقصود بالحاجات الأساسيّة حاجات الفرد وأهله من دون إسراف أو تقتير، ودليل هذا الحديث النبوي الشريف عن جابر بن عبدالله عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ابدَأْ بنَفْسِكَ فتَصدَّقْ عليها، فإنْ فضَلَ شيءٌ فلأهلِكَ، فإنْ فضَلَ عن أهلِكَ شيءٌ فلذي قَرابَتِكَ، فإنْ فضَلَ عن ذي قَرابَتِكَ فهكذا وهكذا)[11].

حلول الحول

بمعنى أن يمرّ على المال عندما يملكه المالك اثنا عشرة شهرًا من الأشهر العربيّة، وهذا الشرط خاص بالأنعام والنقود وأموال التجارة والمنتجات الزراعيّة من العسل والصوف والمعادن وغيرها، فلا يُشترط فيها حلول الحَوْل.

شروط زكاة الأنعام

• أن تبلغ النصاب الشرعي المقرر لها، وهي في الإبل خمسة، وفي الغنم أربعون شاه، وأما البقر والجاموس فزكاتهما ثلاثون في أيّ منهما.
• أن يَحوْل عليهما الحَوْل وهي بالغة للنصاب الشرعي وينتهي وهي كذلك.
• أن تكون سائمة، أيّ ترعى في مرعى عام مباح للجميع غالبية أيام السنة، فهناك فرق في الزكاة بين الأنعام السائمة والأنعام المعلوفة.
• أن لا يكون البقر والجاموس والإبل عاملاً، أي مستخدمًا في الحرث أو النقل ونحو ذلك.

شاهد أيضًا: من شروط زكاة بهيمة الانعام

مصارف الزكاة

لقد حدد الله تعالى مصارف الزكاة الثمانية وهي:[13]

• الفقراء: والفقير هو مَن لا يجد قوت يومه، وقد يكون له دخل، ولكنه قليل جدًا ولا يغطي نفقاته، وفقره ظاهر للعيان، وقد يسأل الناس ن يعطوه وقد لا يسألهم.
• المساكين: والمسكين هو مَن له دَخل، لكن هذا الدّخل لا يكفيه قوت يومه، وهو لا يسأل الناس العطاء، وقد لا ينتبه أحد بأنه فقير.
• العاملون عليها: وهم الذين ولّاهم المسؤول أو الحاكم مسؤولية جباية الصدقات من أهلها، فيُعطون من الزكاة بقدر عملهم.
• المؤلفة قلوبهم: المقصود بهم الذين يتآلفون بالعطاء وتُستمال قلوبهم به، وهم إما كفار أو مسلمين، والكفار من يرجى إسلامه، فيُعطى من مال الزكاة لكي يميل قلبه للدّين ويُسلم، وأما المسلمين، من يُخشى شرّه فيُرجى بعطيته كف شره، فيُعطى من سهم المؤلفة قلوبهم.
• الغارمون: هو المَدينون، وهو من استدان لإصلاح ذات البين، ومن استدان لإصلاح حاله أو لعمارة مسجد أو لإكرام ضيف.
• في سبيل الله: المقصود به هو الإنفاق على الجهاد والمجاهدين في سبيل الله تعالى.
• ابن السبيل: وهو المسافر الذي تقطّعت به السّبل، وليس معه ما يُرجعه إلى بلده، ولم يسافر لأمر يعصي الله تعالى فيه، فيعطى من مال الزكاه حتى يرجع إلى بلده، حتى لو كان يملك المال في بلده الذي جاء منه.
• وفي الرقاب: منهم مكاتب اشترى نفسه من سيده بدراهم مؤجلة، فيعطى ما يوفي به سيده، ومنهم الرقيق المملوك.

شاهد أيضًا: من حرمت عليهم الصدقة وما فضل ومكانة آل البيت

فوائد الزكاة

هناك عدد كبير من الفوائد المتصلة بإعطاء الزكاة، وأبرز الفوائد هي:[14]

• الزكاة قيام بأحد أركان الإسلام المهمة.
• الزكاة تقرّب العبد إلى الله تعالى، وبها تتحصل سعادته في الحياة الدنيا والآخرة.
• الأجر العظيم والثواب الكبير للمتصدّق.
• يمحو الله تعالى الذنوب والخطايا للشخص المتصدّق.
• المزّكي يلتحق بالكرماء من أهل السماحة والسّخاء.
• الزكاة تستوجب اتّصاف المُزكّي بالرحمة والعطف والرأفة، والرّاحمون يرحمهم الله تعالى.
• بذل المال للفقراء والمحتاجين عن طريق الزكاة، فيه شرح لصدور المزكّين، وبسط لنفوسهم، فيصبح المزكّي محبوبًا عند الجميع.
• الزكاة فيها تطهير لأخلاق المّزكّي من البخل والشحّ الذي نهانا عنهما الله تعالى.
• الزكاة فيها دفع لحاجة الفقراء، وإعفاف لهم.
• الزكاة هي تقوية ودعيمة للمسلمين، ورفعًا من شأنهم أمام أعدائهم.
• الزكاة فيها إزالة للأحقاد والضغائن والحسد التي تكون في صدور الفقراء والمحتاجين على الأغنياء.
• الزكاة فيها تنمية للأموال، وتكثيرًا لبركتها، فالمال لا ينقص من الصدقة بل يزداد وينمو.
• الزكاة فيها توسعة وبسطًا للأموال، فالأموال إذا صُرف منها شيئًا اتسعت دائتها، وانتفع بها الكثير من الناس.

شاهد أيضًا: الزكاة هي الركن الثاني من اركان الاسلام

في نهاية مقالنا تعرّفنا إلى جواب التساؤل فيما هل يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين، والجواب نعم يجوز دفع الزكاة لمن عليه دين، وتعرّفنا إلى أهمية الزكاة، وأنواع الزكاة، وهل تجب على الفقير زكاة الفطر، وشروط الزكاة، وفوائدها