طريقة صلاة التراويح في البيت

في الآونة الأخيرة وبسبب وباء كورونا أُغلقت المساجد، وبحث المسلمون عن طريقة صلاة التراويح في البيت، ومن المعروف أنّ صلاة التّراويح من الجائز أن تُصلّى في المسجد ويجوز أن تُصلّى في البيت، وقد ثبت عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- التّوسعة في صلاة الليل والتّراويح وعدم تحديد عدد ركعات معيّن، لكن تمّ بيان طريقة صلاتها، فهي مثنى مثنى بتسليمةٍ من كلّ ركعتين وهذا ثابتٌ في الصّحيحين في الحديث الذي رواه عبد الله ابن عمر أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم قال: “صلاةُ الليلِ مَثنَى مَثنَى فإذا خَشيَ أحدُكُمُ الصبحَ صلَّى ركعَةً واحدَةً تُوتِرُ له ما قد صلَّى”.[3] فقول النّبيّ مثنى مثنى يعني الأمر بذلك، فهو -عليه الصّلاة والسّلام- كان يسلّم من كلّ ركعتين، ثمّ يختم بواحدة وهي الوتر، وذلك ما روته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.[4]

تجوز في طريقة صلاة التراويح في البيت أن يصلّيها المسلم في جماعة أو يصلّيها منفرداً، فإن كان وحيداً في بيته صلّاها منفرداً، وإن تواجد معه أحدٌ من أهل بيته أو إخوانه أو أقاربه صلّاها في جماعة، ولأن أهل العلم اتّفقوا على أن صلاة التراويح في جماعة أفضل من صلاتها منفرداً، والنّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- صلّى التّراويح منفرداً، وصلّاها في جماعة في البيت والمسجد، فإذا صلّى المسلم التراويح جماعةً في بيته يجهر بصلاته إن كان إماماً أمّا إن كان مأموماً فإنّه لا يجهر مطلقاً والله ورسوله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: ما هو اقل عدد ركعات صلاة التراويح

كيفية أداء صلاة التراويح للنساء في البيت

إنّ كيفية أداء صلاة التراويح للنساء في البيت متعلقٌ بطريقة صلاة التراويح في البيت . فمن الثّابت أنّ صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد. و كذلك على المرأة المسلمة أن تتبع ما فيه خيرٌ لها وأجرٌ أعظم. فللمرأة في صلاة التراويح أن تصلّي ما تيسّر لها وعليها مراعاة السّنة ما استطاعت ذلك. فلو كانت تحفظ القرآن أو شيئاً منه وصحّتها تسمح لها أن تُطيل في صلاتها. فتصلّي إحدى عشرة ركعة أو ثلاثة عشر ركعة مثنى مثنى، ثم توتر بواحدة. وإن كانت لا تستطيع ذلك فلها أن تصلّي ما استطاعت وتختم بركعة وتر. و كذلك يجوز لها أن تصلّيها في جماعةٍ بالبيت وتجهر بتلاوتها حتّى يسمعنها من تصلّي بهنّ والله ورسوله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: كيفية صلاة التراويح في رمضان للنساء

دعاء صلاة التراويح في البيت

إنّ الدّعاء من أعظم العبادات التي يمكن للمسلم أن يعمل بها، وعند معرفة المسلم لطريقة صلاة التراويح في البيت لابدّ له من معرفة أنّ الدّعاء في صلاة التّراويح أمرٌ مستحبّ، حاله كحال الدّعاء في شهر رمضان المبارك وفيما يأتي دعاء صلاة التّراويح في البيت وبعض الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها كما وردت في السنّة النّبويّة:[7]

اللهم ربنا لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم: لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك خاصمت، وبك حاكمت، فاغفر لي: ما قدمت، وما أخرت، وأسررت، وأعلنت، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت.
و كذلك اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم.
اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا.

هل الافضل صلاة التراويح في البيت

إنّ صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- والثّابت في سنّته أنّ صلاتها في المسجد أفضل من صلاتها في البيت. لكن مع ذلك فصلاتها في البيت جائزة لأن النّبيّ صلّاها في المسجد وفي البيت. وقد روت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم وذلكَ في رَمَضَانَ”.[8] فهذا الحديث يبيّن مدى فضل التراويح في المسجد، والنّبي -صلّى الله عليه وسلّم لم يترك صلاتها في المسجد إلا خوفاً من أن تُفرض على المسلمين.[9]

متى وقت صلاة التراويح في البيت

كذلك الخوض في ذكر طريقة صلاة التراويح في البيت يقتضي ذكر الوقت الأنسب لأداء هذه الصّلاة العظيمة والسّنّة النّبويّة المباركة. وقد اتّفق الفقهاء والعلماء، على اتّساع وقت صلاة التراويح. سواءً كانت الصلاة في المسجد أو في المنزل. لكنّ العلماء استحبّوا أن تكون صلاة التراويح في المسجد بعد صلاة العشاء فوراً. لا أن تُؤدّى في آخر اللّيل أو أوسطه، لكي يحضرها المسلمون، فإن كانت في اوسط الليل أو آخره، لضاعت على من ينام باكراً، لكنّهم أكدّوا في نفس الوقت على أنّ من أراد صلاة التّراويح في البيت فلا حرج عليه إن صلّاها أوّل اللّيل أو أوسطه، أو كان قد صلّاها في آخره، فله الخيار والقرار بذلك يعود له، لكن من الأفضل أداؤها بعد صلاة العشاء فوراً، لضمان عدم تضييعها بالانشغال بالنّم أو السّهر أو العمل والله أعلم.[10]

عدد ركعات صلاة التراويح في البيت

قد اختلف العلماء المسلمون في تحديد عدد ركعات صلاة التراويح. حيث قيل فيها بأنّها أربعين.و كذلك ورد أيضاً بأنّها إحدى عشرة ركعة. وقيلت أقوالٌ كثيرة. ولقد ورد عن ابن باز رحمه الله، بأنّ لا حصر لعدد ركعات صلاة التّراويح. ويباح للمسلم أن يصلّي عدد الرّكعات الّتي يعينه عليها الله جلّ جلاله. وذلك استناداً لما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “صلاةُ اللَّيلِ مَثْنى مَثْنى ، فإذا خشِيَ أحدُكم الصبحَ صلَّى ركعةً واحدةً ، تُوتِرُ له ما قد صلَّى”.[11]

أي للمسلم أن يصلّي من الرّكعات ما شاء وما يسّر عليه الله تعالى، سواءً كانت الصّلاة في المسجد أو في البيت. حيث أنّ لا فرق بين صلاة التّراويح في المسجد أو في البيت. وعندما ينتهي من عدد الرّكعات الّذي يريده. وجب عليه أن يوتر ما صلّاه إمّا بركعةٍ أو ثلاثةٍ أو خمسة، فمثلاً إن صلّى عشرين ركعةً وجب عليه أن يوتر بثلاثة. وإن صلّى عشرة ركعات ٍوجب عليه أن يوتر بواحدة، فهذا أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والله أعلم.[12]

اشتراط النية في صلاة التراويح

اتّفق أهل العلم في مسألة جواز اشتراط النّيّة وتعيينها في صلاة التراويح من عدمه. حيث ذهب الشّافعيّة والحنابلة وبعضاً من العلماء الحنفييّن إلى قول أنّ اشتراط النّيّة في صلاة التراويح من شروط أدائها ولا تصحّ بدونها. فالرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- قال: ” إنما الأعمالُ بالنياتِ وإنما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى”.[13]

ففي قولهم على المصلّي أن يعيّن ويحدّد ما يريد صلاته، ولكن دون التّلفّظ بذلك لأنّ ذلك من البدع. وكذلك قال الحنفيّة بأنّ صلاة النّوافل لا تجوز ولا تصحّ بنيّة مطلقةٍ أو مفتوحة. بل يجب أن يعيّن المصلّي في نيّته عند أداء صلاة التراويح. لكن الاختلاف حصل في ضرورة تجديد النّيّة بعد كلّ ركعتين. و كذلك قد فضّل الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة، بأن يجدّد المصلّي نيّته بعد انتهائه من كلّ ركعتين. وذلك لأنّه ينتهي من الصّلاة ويبدأ بصلاةٍ أخرى. بينما ذهب المالكيّة إلى عدم ضرورة تعيين النّيّة أو تجديدها في صلاة التراويح. والله أعلم.[14]

الوتر بعد صلاة التراويح

قد تمّ الحديث فيما سبق عن طريقة صلاة التراويح في البيت وكيفية أدائها. مع ذكر عدد ركعاتها والدّعاء فيها. ومن الجدير بالذّكر أنّ من وصايا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد صلاة اللّيل أن يوتر ما قد صلّى. وهذه سنّته حيث روت عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها. فقالت: ” ما كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ، وَلَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، فَقالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ، فَقالَ: يا عَائِشَةُ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي”.[15]

ومن الأفضل أن يكمل المصلّي صلاته كاملةً مع الوتر إن كان يصلّي خلف إمام، ليكون له أجر قيام ليلةٍ بإذن الله. وإنّ أراد الزّيادة على صلاة الإمام فلا بأس عليه إن شفع الرّكعة الأخيرة. و كذلك أكمل صلاته في بيته ثمّ أوتر، وكلّه صحيح. لكن من الضّروريّ أن يوتر المصلي الرّكعات الّتي يصليها. سواء كان وحده في المنزل أو كان خلف الإمام والله أعلم.[16]

دعاء القنوت في التراويح

يجوز للمسلم بأن يدعو في صلاة التراويح بأيّ دعاء ٍشاءه، سواء كان من عنده أو كان مأثوراً عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام. أمّا بالنّسبة لدعاء القنوت في صلاة التراويح. فهو سنّةٌ نبويّةٌ مستحبّة، حيث يدعو به المصلّي في صلاة الوتر. لكن إن تركه ولم يدعُ به ودعا بغيره، فلا حرج عليه بذلك بإذن الله تعالى. والله ورسوله أعلم.[17]

وقد ورد في دعاء القنوت العديد من الصيغ. منها:

اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجى منك إلا إليك.
كذلك اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك.
اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك. ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ولا نكفرك. اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك . إن عذابك الجدَّ بالكفار ملحق.

فضل صلاة التراويح

صلاة التراويح شأنها من شأن صلاة قيام اللّيل. حيث أنّ أحكامها هي نفسها أحكام قيام اللّيل. وقد اندرج الحديث عن فضلها تحت ما ذكر عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من أحاديث ترّغب بصلاة قيام اللّيل وتنبّه على فضلها العظيم. فإنّ صلاة التّراويح هي من جهاد اللّيل. والّذي قد وعد الله تعالى به المسلمون بالأجر العظيم والكبير. ومن فضل صلاة قيام اللّيل ما روي في الأحاديث:[18]

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غفرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ”.[19]
كما ورد أيضاً في فضلها وفضل صلاتها مع الإمام جماعةً والالتزام معه حتّى ينتهي. عن أبي ذرٍّ الغفاريّ قال: قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ” أنه مَن قام معَ الإمامِ حتى ينصرفَ كُتِبَ له قيامُ ليلةٍ”.[20]
فينبغي ويجدر على المسلمين في شهر رمضان الفضيل أن لا يضيّعوا ويفرّطوا بهذه السّنّة العظيمة، لئلّا يفوّت أجرها ومنافعها.

صلاة التروايح هي من السنن النّبويّة العظيمة والمباركة في شهر رمضان، فيها من الأجر والفضل أحسنه وأكثره، حيث بيّن هذا المقال طريقة صلاة التروايح في البيت . و كذلك بيّن فضلها وأفضليّة صلاتها في المسجد أو البيت. كما ذكر جملة من أحكامها. وعن بعض أقوال الفقهاء فيها.