ثواب صيام يوم عرفة

إنّ ثواب صيام يوم عرفة هو أحد الأمور التي يبحث عنها الناس تزامنًا مع قرب وصول يوم عرفة المبارك الذي يعدُّ على أنّه أفضل وأكثر أيّام السنة الهجرية عظمة وقيمة، برمزيتّه الإسلامية الكبيرة وقيمته عند الله العزيز الجبّار، وهو ضمن الأيام العشر التي أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين باغتنامها بالأعمال الصالحة، ومنها الصيام، وهو ما سنقوم على تبيان فضله وأحكامه لكلّ من الحاج وغير الحاج، حيث يمكن للزائر عبر موقع محتويات أن يتعرّف على حكم صيام يوم عرفة وعلى فضل الصيام في يوم عرفة.

يوم عرفة

يعرّف هذا اليوم المبارك على أنّه اليوم الذي يوافق تاريخ 09/ من شهر ذي الحجّة لكل عام هجري، ويعد ذلك اليوم أحد أهم الأيام في موسم الحج السنوي الذي يحرص عليه المسلمون، فوقفة عرفة هي الحج بذاته، استنادًا على ما قاله وأكّد عليه رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه- فهو يوم عظيم الشأن عند الله؛ ممّا يفرض على المسلم أن يقوم على اغتنام ما فيه من الخير، عبر باقة الأعمال التي نوّه عليها الرسول، ومنها الصيام.

متى يكون صيام يوم عرفه لعام 2024/1445

إنّ صيام يوم عرفة لعام 1445هــ لمن عقد النيّة على ذلك يكون في يوم 9/من شهر ذي الحجّة/1445هــ الموافق لتاريخ 15/من شهر يونيو /2024م، على أن يكون الامتناع عن الطعام والشراب من فجر اليوم المذكور وحتّى غروب الشمس من اليوم ذاته، وهي إحدى أعظم العبادات التي يمكن أن يقوم عليها الإنسان المسلم في تلك الأيام المباركة ويوم عرفة تحديدًا الذي أكد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على عظمته وقيمته الرفيعة عند الله خالق الخلق، وعلى أهمية الصيام فيه لغير الحاج.

اقرأ أيضًا: فضائل صيام يوم عرفة والإكثار من الأعمال الصالحة والدعاء

ثواب صيام يوم عرفة

من الأمور التي يبحث عنها الناس تزامنًا مع قدوم يوم عرفة، حيث يشمل صيام يوم عرفة المبارك على عدد من الفضائل والإيجابيات أبرزها ماقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذكره وهو احتساب الأمر عند الله تعالى أن يكفّر بصيام يوم عرفة صغائر الذنوب من السنة التي قبله والسنة التي بعده أيضًا، فهي إحدى العادات العظيمة التي يقابل العبد فيها ربّع في ذلك اليوم العظيم، وذلك استنادًا على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه عنه أبو قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- أنّه سمع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- يقول: “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ ، والسنةَ التي قبلهُ”.[1]

فقد أجمع أهل العلم على أنّ صيام يوم عرفه أفضل الصّيام في السنن، استناداً على الأحاديث الواردة فيه وفي فضل صيامه، ومن الأمور التي نوّه عليها العلماء وفقهاء الأمة في فضل صيام يوم عرفة:

• صيام عرفة زيادة في الحسنات ورفع في الدرجات.
• هو فرصة عظيمة للتكفير عن الذنوب والخطايا في سنتين.
  •  حيث يقصد بالتكفير عن الذنب لسنة ماضية وسنةٍ مُقبلة استنادًا على الشروحات التي وردت عن أهل العلم أنّه يكفّر صغائر الذّنوب دون كبائرها، وذلك أنّ الكبائر تحتاج لتوبةٍ صادقة يتوبها المسلم فيها.
  • ثانيًا إنّ تكفير الصّغائر يشترط به ترك الكبائر.

وعبادة الصيام بشكل عام هي من العبادات التي يحبّها الله ويجزي بها بنفسه فلا شروط في عطائه، خصوصًا عندما تكون تطوّعيه فهي تكون خالية من الرياء أو الإجبار بل نابعة عن رغبة شخصية من المسلم بأن يكرمه الله ويحظى بالفضل والجائزة المنوطة عن هذا العمل.

اقرأ أيضًا: لماذا نصوم يوم عرفة وحكم صيام يوم عرفه

صحة حديث صيام يوم عرفة

حديث صيام يوم عرفة صحيح استنادًا على ما تمّ تبيانه من قبل الفقهاء وأهل العلم حيثُ ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ” صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ “، الذي تمّ إخراجه في صحيح الإمام مسلم عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، ويحمل الرقم (1162) وفي ذلك تأكيدات على صحّة وقوة الحديث، عند البعض من أهل العلم:[2]

• قول الإمام الترمذي -رحمه الله-:
  • “حديثُ أبي قَتَادَةَ حديثٌ حسنٌ، وهو مستحب وفقًا لأهل العلم لكل الناس إلّا من بعرفة حاجًا”.
• قال النسائي -رحمه الله- في كتاب السنن:
  • “من أجود الأحاديث الموجودة عندي في هذا الباب”.
• قال البغوي في شرح السنة:
  • ” هو حديث صحيح ان شاء الله وقام مسلم على إخراجه“.
• قال الإمام ابن حجر -رحمه الله- في كتاب الفتح:
  • الذي أكّد على صحّة حديث صيام يوم عرفة عبر استغرابه أحدهم للسؤال عن صحة الصيام، وكان الامام مسلم لم يخرج ذلك الحديث الصحيح الذي تناول حكم صيام عرفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• وقد صحح الحديث كل من ابن خزيمة وابن حبان وابن ناصر الدمشقي في (كتاب مجلس في فضل يوم عرفة)
  • الامام ابن القيم في كتاب حاشية سنن أبي داود.

اقرأ أيضًا: صيام يوم عرفة يكفر

ما هو حكم صيام يوم عرفة للحاج 

إنّ الصيام في يوم عرفة عند الحاج القائم على مناسكه مكروه استنادًا على ما سنّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكراهة صوم الحاج ليوم عرفة تأتي من أنّ الصوم سوف يشغله عن أداء مناسك الحج على خير ما يرام أو بالتأكيد سوف يضعف همّة وعزيمة الحاج في تلك الطقوس الإيمانية العظيمة، وبالتالي سوف ينشغل الحاج بالصيام عن باقي العبادات المفروضة، ومن الجدير بالذكر أنّه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قد أتى عرفة وهو مفطر.

وبالنسبة لصيام عرفة لغير الحاج فقد بيّنا حكمة في الفقرات السابقة وهو مُباح ومستحب جدًا لغير الحاج لما فيه من الأجر والثواب من الله، استنادًا على ما تمّ تبيانه من قبل الرسول محمد -صلوات الله وسلامه عليه- وهو تعويض من الله الرحيم على أولئك غير القادرين على أداء الحج، فأكرمهم الله بتلك المكرمة العظيمة والثواب الجزيل.

اقرأ أيضًا: صحة حديث خير الدعاء دعاء يوم عرفة

أعمال يوم عرفة

انطلاقًا من أهمية ذلك اليوم المبارك، فيستحب القيام بعدد من الأعمال التي تساعد المسلم على اغتنام الفضل والخير الجزيل في تلك الساعات المعدودة، وممّا يستحب في يوم عرفة:

عبادة الصيام

حيث يعد صيام يوم عرفة لغير الحاج على أنّه سنّة مؤكدة بحديث نبوي صحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ”[1] والله أعلم، وهي من أحب الأعمال التي يجب على المسلم اغتنامها، لما فيها من أجر كبير في تكفير خطايا سنتين في مكرمة عظيمة من الله.

القيام بالذكر، عبر التهليل والتكبير 

ويعرّف التهليل على أنّه قول المسلم (لا إله إلا الله)، ويعرف التكبير على أنّه قول المسلم (الله أكبر الله أكبر، أو أي صيغة تكبير أخرى)، والتحميد هو أن يقوم المسلم بحمد الله وشكره تعالى على نعمه التي لا تُحصى بالشكل والصيغة التي يفضّلها المسلم، حيث يمكن القول بأنّ الذكر الحسن في الأيام العشر يعد من أفضل الأمور التي يمكن أن تساعد المسلم على اغتنام الخير الجزيل في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، والتي يجب على كل مسلم أن يبادر إلى اغتنامها استنادًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ”[3] والله أعلم.

عبادة الدعاء

أكدت الأحاديث النبوية على أهمية الدعاء الذي يعد على أنّه العبادة، ومخ العبادة، فهي حالة من الرقي بين العبد وخالقه، يُعلن عندها المسلم عبوديته وخضوعه لله عز وجل، فيعزّه الله بدينه الحق، وهي من أبرز السمات التي يجب أن يتحلّى بها المسلم في يوم عرفة.

قراءة القرآن

إنّ قراءة القرآن هي أحد الأمور الأساسية في حياة المسلم، وهي من الأعمال المستحبة في يوم عرفة لما في تلك الحروف القرآنية من اجر عظيم للمسلم، قد كفله الله عز وجل، استنادًا على حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- الذي ذكرناه بانّ خير الأعمال وأحبها على الله تعالى تكون في أيام شهر ذي الحجة المبارك، وقراءة القرآن وترتيله إحدى تلك الامور التي يؤجر المسلم عليها بخير الجزاء في العشر وفي كل الأوقات.

اقرأ أيضًا: صحة الحديث من صام 9 ذي الحجة كمن تعبد عامين

ثواب وفضل يوم عرفة

إنّ يوم عرفة المبارك، هو أحد أيّام الله التي اختصها بالخير والفضل الجزيل، فقد شددّ رسول الله على أهمية اغتنامها للمسلم، فصيام يوم عرفة يكفّر الله به ذنوب سنتين، وتستند تلك الرمزية على باقة من الفضائل، وهي:[4]

• هو يوم اكتمال الأركان الخمسة التي يُبني عليها الاسلام:
  • وكان ذلك عبر أدائهم لأول فريضة حج في مدينة مكة المكرّمة.
  • هو اليوم الّذي نزل فيه قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
• يوم عرفة هو يوم الميثاق على أمة البشر:
  • ففي يوم عرفة أخذ الله -تبارك وتعالى- الميثاق على بني آدم كلّهم.
• هو اليوم الذي يسبق عيد الأضحى المبارك.
• صيام يومه يكفّر به سنتين:
  • فهو من الأيام العظيمة التي إن صامها الإنسان، كفّر الله له بها سنتين من الذنوب، استنادًا على الأحاديث التي بيّناها في بداية المقال.
• عرفة هو اليوم الذي حمل قسم الله:
  • وذلك في قوله تعالى، في القرآن الكريم حين قال: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}.
• يوم العتق من النار:
  • يوم عرفة يوم مبارك، وكريم، وهو من أكثر الأيّام الّتي يعتق بها الله تعالى عباداً له من النّار، ويكفّر عنهم سيئاتهم،
• يوم يباهي الله به الملائكه بعباده الحجّاج:
  • ويباهي الله بهم ملائكة السماء، استنادًا على حديث نبوي شريف، والله أعلم.

اقرأ ايضًا: متى يوم عرفة

أدعية مستحبة في يوم عرفة

إنّ خير الدعاء في يوم عرفة هو ما ورد عن رسول الله ص-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف الذي قال فيه (خيرُ الدُّعاءِ يومُ عرفةَ، و خيرُ ما قلتُ أنا و النَّبيون من قبلي : لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له ، له الملكُ ، وله الحمدُ ، و هو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)[5] وهي إحدى الصيغ العظيمة في الحمد والشكر والاعتراف بالعبودية لله عز وجل، ولم ترد صيغ محدّدة يجب على المسلم أن يلتزم بها، بل له حريّة اختيار الأدعية في ذلك اليوم، ومنها:

• لا إله إلّا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، سبحانك اللهم لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
• الله اغفر لي جهلي وخطيئتي ، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به منّي، اللهم أسألك أن تغفر لي جدّي وهَزلي، وخطئي وعمدي، وكلّ ذلك عندي، سبحانك اللهم أنت مولانى ويا نعم النصير.
• يا ودود يا ودود يا ودود، اللهم برحمتك أستغيث استودعتك نفسي، اللهم لا تكلني إليها طرفة عين ولا أقّل من ذلك، سبحانك اللهم ما عبدناك حقّ عبادتك، فاغفر لنا تقصيرنا والذنوب.
• اللهم أفوّض أمري إليك، لا منجى ولا ملجئ منك إلّا إليك، أسألك بحق أسمائك الحسنى أجمعين، أن تجبر كسر قلوبنا وأن تنجّنا يوم الدين.
• اللهم إليك المشتى وعليك التكلان، سبحانك اللهم لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، ربّي اغفر لي وتجاوز عنّي ما أنت أعلم به منّي.
• حسبي الله، لا إله إلّا هو، عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم، اللهم استودعتك أمري كلّه، اللهم أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيّك محمد صلى الله عليه وسلّم، وأعوذ بك من شرّ ما استعاذ بك منه عبدك ونبيّك، سبحانك اللهم وإليك الحمد.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي تناولنا فيه ثواب صيام يوم عرفة وانتقلنا عبر سطوره وفقراته للتعريف بثواب صيام يوم عرفه والتعريف بفضل ذلك اليوم المبارك، والأعمال المستحبّة على المسلم فيه، لنختم أخيرًا مع باقة من الأدعية المستحبّة في يوم عرفة.