قصة النبي يونس مختصرة

قصة النبي يونس مختصرة
قصة النبي يونس مختصرة

قصة النبي يونس مختصرة هي أحد القصص المليئة بالعبر والدروس والتي يتساءل عنها الكثيرون، فقد روى لنا القرآن الكريم قصص الأنبياء وشعوبهم، وجعل الله تعالى لنا في هذه القصص الكثير من الدروس والعبر التي لا بدَّ للمسلم من الاستفادة منها، وفي هذا المقال سنروي قصة النبي يونس مختصرة، كما سنسلط الضوء على أهم القصص التي حصلت مع النبي يونس، بالإضافة لذكر قصة النبي يونس في القرآن الكريم، والعبر المُستفادة منها.

النبي يونس

هو أحد الأنبياء الذين أرسلهم اله تعالى لهداية قومهم وقد أرسله الله تعالى في قوم نينوى، وهو يونس بن متى، ومتى أمّه وهو النبي الوحيد الذي نُسب إلى أمّه غير النبي عيسى عليهما السلام، عاش النبي يونس في فترة تقاطعت مع النبي إشعيا وكان أحد الأسباط، عاش في فترة من فترات القرن الثامن قبل الميلاد، وله لقبين أشتهر بهما في القرآن الكريم هما ذي النون، وصاحب الحوت.

قصة النبي يونس مختصرة

أرسل الله تعالى نبيَّه يونس -عليه السلام- ليدعوا قومه إلى الهداية وتوحيد الله تعالى، حيث كانوا يسكنون مدينة نينوى في أرض الموصل، وكغيره من الأنبياء لم يترك أي وسيلة أو طريقة إلَّا واتَّبعها لكي يدعو قومه إلى الهداية، واستمرت دعوة النبي يونس وطالت دون أي جدوى، بل كانت النتيجة التكذيب الدائم وعدم التصديق، ولمَّا رأى النبي يونس ثبوت قومه على ظلمهم وعنادهم وكفرهم ضاق صدره من دعوتهم، وقرر أن يتركهم ويرحل، وركب في أحد سفن البحر مع الراكبين في يوم كانت الريح فيه شديدة، فلما أصبحوا في وسط البحر اشتدت العواصف وبدأ ركاب السفينة برمي أمتعتهم لتخفيف ثقل السفينة، ثم اقترعوا ليرموا أحدهم من السفينة فوقع الخيار على نبي الله يونس، فلما رموه في البحر ابتلع الحوت بأمر من الله تعالى، حتى ظنَّ نفسه ميتًا، ثم لبث في بطن الحوت يدعو الله تعالى ويعبده حتى استجاب له وفظه الحوت في أرض خالية من الناس والشجر، فأنبت الله تعالى له شجرًا ليستظلَّ بظلها، وأرسله على قوم آخرين ليؤمنوا به ويصدِّقوا دعوته وينصروه.[1]

شاهد أيضًا: قصة موسى عليه السلام مختصرة وأحداث قصة موسى والخضر

قصة سيدنا يونس في القرآن

وردت قصة سيدنا يونس في أربع سور من سور القرآن الكريم وهنَّ سورة الصافات وسورة الأنبياء وسورة يونس وسورة الأنعام، ومن الآيات التي ذُكرت فيها قصة النبي يونس نذكر:[2]

  • قوله تعالى في سورة الأنبياء: “وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ”.[3]
  • قوله تعالى في سورة الأنعام: “وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ”.[4]
  • قوله تعالى في سورة يونس: “فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ”.[5]
  • قوله تعالى في سورة الصافات: “وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ”.[6]

قصة النبي يونس والقرعة

بعد أن أشتدت الأعاصير والريح في البحر وكان النبي يونس -عليه السلام- في وسط البحر في السفينة، بدأ الناس يرمون كل الأمتعة والأشياء التي يحملونها لكي يخففوا من حمل السفينة إلَّا أنَّ ذلك لم ينجح وقرروا أن يقترعوا فيما بينهم ليرموا أحدهم عن ظهر السفينة ليُخففوا من أحمالها، وكان اقتراعهم يقول أنَّ من تقع عليه القرعة سوف يُرمى من السفينة، فلما جَرَت القرعة أصابت يونس عليه السلام، إلَّا أنَّ أهل السفينة رفضوا أن يرموه فأعادوا الاقتراع فوقعت مرَّة أخرة على النبي يونس، فهمَّ ليُلقي نفسه في البحر، إلَّا أنَّهم أصروا على إعادة الاقتراع للمرة الثالثة، وشاءت حكمة الله تعالى أن يكون الاختيار واقع على النبي يونس في المرات الثلاث، فرمى نفسه في البحر بعد الاقتراع الثالث.

النبي يونس في بطن الحوت

بعد أن ألقى النبي يونس بنفسه في البحر أوحى الله تعالى للحوت أن يبتلعه، فابتلعه الحوت دون أن يؤثر عليه أو يجرح لحمه أو يكسر عظمة، واستقرَّ النبي يونس في بطن الحوت سليمًا مُعافى بقدرة من الله تعالى وحكمة، فجلس يونس يدعو الله تعالى نائبًا وتائبًا يتعبَّد الله سبحانه وتعالى، وهو في بطن الحوت يسبح فيه في عمق البحر وظلماته، فظلَّ يعيش في ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت إلى أن استجاب له الله تعالى ولفظه الحوت من بطنه.[7]

لماذا ابتلع الحوت سيدنا يونس

بعد أن يأس النبي يونس من قومه ترك القرية التي يسكنها في الموصل وخرج منها لينتظر نزول العذاب على قومه بعد أن أصرّوا وانكروا الدعوة إلى التوحيد، وبعد ذلك ركب يونس -عليه السلام- في سفينة من السفن التي على الشاطئ وذلك دون أن يأمره الله تعالى بذلك، فجاءت الريح بأمر من الله تعالى وتقدير منه لتتسبب في رمي يونس في بطن البحر، ثم ليبتلعه الحوت، والله أعلم.

كم لبث يونس في بطن الحوت

اختلقت الأقوال التي تتعلق في المدة التي مكثها النبي يونس في بطن الحوت وتعددت وكان في ذلك خمسة أقوال وهي:[8]

  • القول الأول: أنَّ النبي يونس مكث في بطن الحوت أربعين يومًا وهو قول أنس بن مالك.
  • القول الثاني: أنَّ النبي يونس مكث في بطن الحوت سبعة أيام وهو قول سعيد بن جبير.
  • القول الثالث: أنَّ النبي يونس مكث في بطن الحوت ثلاثة أيام وهو قول قتادة ومجاهدة.
  • القول الرابع: أنَّ النبي يونس مكث في بطن الحوت عشرون يومًا وهو قول الضحاك.
  • القول الخامس: أنَّ النبي يونس مكث في بطن الحوت بضع يوم وأنَّ الحوت التقمه قُريب الضُحى ولفظه قبل الغروب وهو قول الشعيبي.

دعاء النبي يونس

ورد دعاء النبي يونس في الأحاديث النبوية الشريفة، وأكَّد الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- على فضل الدعاء بدعاء يونس، وقد ورد ذلك في قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له”[9]، وإنَّ في الحديث الشريف السابق إشارة إلى أنَّ هذه الدعوة هي التي نجَّت النبي يونس من بطن الحوت وهي دعوة يستجيب الله تعالى لمن يدعي بها، يمكن للعبد أن يفتتح دعاؤه بها ثم يدعو بما يشاء، والله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: دعاء الكرب والضيق .. أدعية الكرب والهم والحاجة مستجاب

معجزة سيدنا يونس

اعطى الله تعالى أنبيائه ورسله المعجزات لتُساعدهم على إثبات دعوتهم ورسالتهم، وكذلك النبي يونس فإنَّ المعجزة التي حصلت مع قومه هي أنَّ الله تعالى أزال عنهم العذاب يعد أن كان مُقدَّرًا ومحتومًا عليهم، وغفر لهم ورحمهم وأرسل إليهم النبي يونس مُجددًا بعد أن هداهم، وذلك بعد أن توَّعد لهم النبي يونس بالعذاب بعد ثلاث أيام من خروجه بدأت الريح والأعاصير وتأكَّدوا من الأنبياء لا يكذبون فخرجوا إلى الصحراء بشيبهم وشبَّانهم وأطفالهم ونسائهم وأنعامهم يتضرعون إلى الله تعالى ويدعونه ويبتهلون له حتى أزال الله تعالى عنهم العذاب بعد أن كان محتومًا عليهم، فكانوا الأمة الوحيدة لتي آمنت كلّها بالنبي المرُسل إليها.[11]

نجاة سيدنا يونس

نجَّى الله تعالى النبي يونس من بطن الحوت بعد أن ابتلعه والتقمه وهي مُعجزة لم تحصل لغيره من الناس، ويعود السبب في نجاة النبي يونس لكثرة تسبيحه لله تعالى وذكره له ودعاؤه، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: “فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ”، أي أنَّ التسبيح وذكر الله بشكل عام هو سبيل للنجاة في كل حال وأنَّه لو لم يكن من المسبحين لخلد في بطن الحوت إلى أن يموت، والله أعلم.[12]

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي ألقاه قومه في النار

تكليف النبي يونس بالدعوة مرة أُخرة

بعد أن لفظ الحوت النبي يونس على أرض ليس فيها شجر أو بشر، أنبت الله تعالى له شجرة لتُظلَّه من حر الشمس، ثم جاء أمر من الله تعالى ليعود إلى قومه ويستمر في دعوتهم بعد أن هداهم الله تعالى إلى طريق الإيمان، وقد أرسله الله تعالى على مئة ألف من الناس وقيل أكثر من ذلك، فكانوا قومًا أزال الله عنهم العذاب والهلاك بعد أن تحققت وانعقدت كلُّ أسبابه، وكان ذلك فضلًا من الله تعالى على النبي يونس أن جعل ذلك في ميزان أعماله، وفضلًا على قوم يونس حيث هداهم بعد أن ضلّوا.

كيف توفي سيدنا يونس عليه السلام

بعد أن أرسل الله تعالى يونس عليه السلام في قومه عاش بينهم وعلَّمه شرائع الله تعالى وأحكامه، ثم جاء النبي إشعيا واستخلفه قومه وخرج مع الملك إلى الجبال ليتعبّدوا الله سبحانه وتعالى، فكان مصيرهما في هذه الرحلة وتوفيا حينها، أمَّا عن الوقت الذي توفي فيه النبي يونس فهو وقت مجهول الذكر إلَّا أنَّ بعض أهل العلم اجتهدوا بأنَّ وفاته كانت قبل سنة 701 قبل الميلاد لأنَّه عاصر الملك الآشوري سنحريب، والله أعلم.[13]

مقام النبي يونس

يقع مقام النبي يونس في العراق في الموصل في الجهة الشمالية الشرقية لنهر دجلة، في تلَّة تُسمى تلى النبي يونس حيث يعود تسمية هذه التلة بهذا الاسم بسبب لجوء بعض الناس والشيوخ إليها للتعبد، كما عُرف المكان باسم مسجد التوبة أيضًا، وبعد العثور على قبر النبي يونس في عام 767 هجري تم تسمية الجامع بجامع النبي يونس، والله أعلم.[14]

العبر المستفادة من قصة النبي يونس

إنَّ في قصة النبي يونس الكثير من الدروس والعبر المُستفادة والتي لا شكَّ في أنَّها من الأمور التي يجب أن يستفيد الإنسان منها، ومن هذه العبر والدروس نذكر:[15]

  • إنَّ الله تعالى يحفظ عباده الصالحين ويحميهم حتى في الأوقات التي تكون بمثابة أوقات ابتلاء واختبار لهم.
  • تُبين قصة النبي يونس مدى عظمى الخالق وقدرته الواسعة والعظيمة التي حَمَت النبي يونس من التأذي في بطن الحوت.
  • تُؤكد قصة النبي يونس على أهمية الدعاء والعبادة وذكر الله تعالى في الشدائد وتأثير ذلك على زوال الكرب والهم والمصائب.
  • تُشير قصة النبي يونس إلى مدى أهمية الصبر على الشدائد.
  • بيَّنت قصة النبي يونس جواز الاقتراع وعدم تحريمه في بعض الحالات، مع التحفّظ على عدم مُشابهة القصة وذلك لعدم جواز رمي مُسلم للتهلكة عمدًا.
  • تؤكّد قصة النبي يونس على أنَّ التوبة الصادقة والنصوح هي سبيل لكي يُنجي الله تعالى عباده.

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي قطع راسه وشرب الخمر في جمجمته

ختامًا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي كان بعنوان قصة النبي يونس مختصرة، كما ذكر قصة النبي يونس في القرآن، وأهم المنارات والأحداث في قصة وحياة النبي يونس، بالإضافة لذكر العبر والدروس المُستفادة من هذه القصة.

المراجع

[3]سورة الأنبياءالآيات 87، 88.
[4]سورة الأنعامالآية 86.
[5]سورة يونسالآية 98.
[6]سورة الصافاتالآيات من 139 إلى 148.
[9]صحيح الترمذيسعد بن أبي وقاص، الألباني، 3505، صحيح.
[14]wikiwand.comيونس8-6-2021