ما حكم الاجتهاد

ما حكم الاجتهاد

ما حكم الاجتهاد ؟ من الأسئلة الشرعية الشائعة، وسيكون هو عنوان هذا المقال، والذي سيتمُّ فيه بيانُ الأحكامِ التي تعتري الاجتهادِ بشيءٍ من التفصيلِ، كما سيتمُّ بيان مشروعة الاجتهادِ بحسب نصوص القرآن الكريمِ، كما أنَّ القارئ سيجد في هذا المقال بيانًا مفصلًا للشروط التي تؤهل المسلم ليكون مجتهدًا شرعيًا.

ما حكم الاجتهاد

إنَّ معرفة الحكم الشرعي لأي واقعةٍ أو حادثة أو أيِّ قضيةٍ يعدُّ واجبًا شرعيًا، فإذا كان هذا الحكمُ موجودًا في القرآن الكريمِ أو في السنة النبوية، فيتمَّ الرجوع إليه، وفي حال عدم وجود هذه المسألة في هذي المصدرينِ قيجب حينها على علماءِ الأمَّة الإسلامية ومجتهديها أن يقوموا بالاجتهاد في هذه المسألة، ومعرفة حكمه الشرعي، وإنَّ الاجتهادِ تعتريه الأحكام الخمسة،[1] وفيما يأتي تفصيل ذلك:

فرض عين

إذا استجدّت واقعةً معينةً، وتوفرت بالمسلمَ شروط الاجتهادِ، فإنَّ حكم استنباطِ الحكم الشرعيِّ يكوم فرض عينٍ في حقَّه في حالاتٍ معينة، وفيما يأتي ذكر هذه الحالات:[2]

  • يكون الاجتهادُ فرض عينٍ في حقِّ المجتهدِ في نفسه عند نزول حادثةٍ، فإذا وصل إلى حكمٍ في اجتهاده لزمه العمل به.
  • يكون الاجتهادُ فرض عينٍ في حقِّ القاضي الذي يتعين عليه الحكم في مسألةٍ ليفصل فيها وينهي النزاع والخصومة.
  • يكون الاجتهادُ فرض عينٍ في حقِّ المجتهد الذي سئل عن حادثةٍ معينةٍ وخشي فواتها والعمل فيها بغير وجهها الشرعي ولم يوجد مجتهد آخر غيره.

شاهد أيضًا: الفرق بين فرض كفاية وفرض عين

فرض كفاية

معنى فرض الكفاية أي أنَّه إذا قام أحد المسلمين بالفعل سقط عن البقية، كذلك الاجتهاد قد يكون فرضًا كفائًيا على المجتهدين في الحالات التالية:

  • يكون الاجتهادُ فرضًا على الكفايةِ عند وجود عددًا من المجتهدينَ، فإذا وصل أحدهم إلى الحكم سقط الفرض عن البقيةِ، وإذا ترك جميع المجتهدينَ الاجتها في المسألة أثموا جميعًا.
  • بكون الاجتهادث فرضًا على الكفايةِ عند وجودِ مجتهدٍ واحدٍ لكن المسألية ليست فورية، ولا يفوت حكمها بفواتِ الأوان، فله في هذه الحالة التأخيرَ بالحكم فيها.

شاهد أيضًا: ذكرت المرأتان سبب خروجه للعمل عندما سألها موسى عليه السلام

مندوب

يكونُ حكم الاجتهاد في حقِّ المجتهدِ هو الندبُ عندما يتمَّ عرضَ قضيةٍ أو حادثةٍ عليه لم تقع من الأساس، فيندب له في هذه الحالة أن يقومَ بالاجتهادِ في هذه المسألةِ عند سؤاله عنها وبيان حكم الله -عزَّ وجلَّ- فيها.[3]

حرام

يكون حكم الاجتهاد حرامًا عند اجتهادِ المجتهدِ في مسألةٍ ورد في حكمها نصٌ من القرآن الكريم أوالسنةِ النبوية قطعيُّ الدلالةِ، ويكون حكمه عكس الحكمِ الذي أفاده النصَّ الشرعيِّ، ويكونُ حرمًا أيضًا أن يجتهدَ في مسألةٍ أجمع على حكمها أهلُ العلمِ، ويقومُ بذكرِ حكمٍ شرعيٍ مخالفٍ للإجماعِ، كذلك يحرم الاجتهاد على من فقد شروطَ الاجتهادِ ولم يكن أهلًا له.[4]

شاهد أيضًا: فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

مشروعية الاجتهاد

يعدُّ الاجتهادُ أمرًا مطلوبًا في الشرعِ الحنيفِ، وقد دلت على مشروعيتِه عددًا من آياتِ القرآنِ الكريم، وفيما يأتي ذكر بعضها:

  • قول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّه}.[5]
  • قول الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}.[6]
  • قول الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.[7]
  • قول الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.[8]
  • قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.[9]

شروط المجتهد

ذُكر في فقرة ما حكم الاجتهاد، أنَّه يحرم الاجتهاد على من لم تتوفر فيه الشروط، لذلك وجب في هذا المقال بيانُ شروط المجتهدِ، وفيما يأتي ذلك:[10]

  • الأهلية: وذلك بأن يكون المجتهدُ مسلمًا تقيًا عادلًا بالغًا عاقلًا، مدركًا للشرع.
  • العلم: كذلك يُشترط بالمجتهدِ أن يكون عالمًا، وفيما يأتي بيان العلمِ الذي يُشترط أن يتوفر في المجتهدِ:
    • العلمُ بالقرآن الكريمِ: أي أن يكون عالمًا بمعانيه، وبما يتعلق بالأحكامِ الشرعيةِ العملية فيه، ولا يُشترط علمه بجميع القرآنِ الكريمِ، بالإضافة إلى عدم اشتراط حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، بل يكفي  معرفة مواطن الآياتِ والقدرة على استحضارها.
    • العلم  بالسنة النبوية المتعلقة بالأحكام: ولا يُشترط حفظ الأحاديث بل يكفيه القدرة على معرفة كيفية الرجوع إليها، كما يجب عليه أن يكونَ عارفًا برتبة الحديث من حيث الصحة والضعف، وأن يكون عارفًا بمتنها ومعانيها.
    • العلم بالناسخ والمنسوخ: والغاية من ذلك كي لا يعتمد المجتهدَ على منسوخٍ من القرآن أو السنةِ.
    • العلم بمواطن الإجماع: ليتجنب المجتهدَ الحكمَ بمسألةٍ ما أجمع عليها أهل العلم سابقًا.
    • العلم بالقياس: يشترط في المجتهد أيضًا أن يكون عارفًا بوجوه القياس وشروطه المعتبرة، وأن يعرف عللَ الأحكامِ، وطرقَ الاستنباط الصحيحةِ من النصوص والمصالح وأصول الشرع؛ إذ أنَّ القياس يعدُّ أحد أبواب الاجتهاد الرئيسية.
    • العلم باللغة العربية: يُشترط في المجتهدِ أن يكونَ عالمًا باللغةِ العربيةِ، لمعرفة مرادِ الله -عزَّ وجلَّ- من النصوصِ؛ إذ أنَّ القرآنَ الكريمَ نزل باللغة العربيةِ وكذلك السنة النبوية جاءت باللغة العربية.
    • العلم بأصول الفقه: يشترط  كذلك في المجتهد أن يكون عالمًا بأصول الفقه؛ إذ أنَّه يعدُّ الأداة الثانية بعد اللغة اللغةِ العربية؛ والغاية من ذلك أن يكون يكون المجتهد قادرًا على استخراج أحكام الفقه من الأدلة الشرعية، وضمن مصادر التشريع الصحيحة المقررة في علم أصول الفقه.

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّت فيه الإجابة على سؤال ما حكم الاجتهاد ؟ والذي تمَّ فيه بيان الأحكامِ التي تعتريَ الاجتهادِ، كما تمَّ بيان مشروعيته من القرآن الكريم، مع بيان شروط المجتهدِ بشيءٍ من التفصيلِ.

المراجع

  1. ^ الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، محمد مصطفى الزحيلي، 281 , https://al-maktaba.org/book/33154/804#p1 , 10/9/2021
  2. ^ الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، محمد مصطفى الزحيلي، 281 , https://al-maktaba.org/book/33154/804#p1 , 10/9/2021
  3. ^ الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، محمد مصطفى الزحيلي، 281 , https://al-maktaba.org/book/33154/805#p1 , 10/9/2021
  4. ^ الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، محمد مصطفى الزحيلي، 281 , https://al-maktaba.org/book/33154/805#p1 , 10/9/2021
  5. ^ النساء: 105
  6. ^ الحشر: 2
  7. ^ الرعد: 3
  8. ^ النحل: 12
  9. ^ النساء: 59
  10. ^ الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، محمد مصطفى الزحيلي، 287-291 , https://al-maktaba.org/book/33154/811#p1 , 10/9/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *